أنهى حياته بنفسه ، وذلك حين ركب فرسه فوجهه نحو البحر ، ثم ضربه فدخل فيه فخاض به ضحضاح البحر ، حتى أفضى به إلى غمرة ، فاقحمه فيه ، فكان آخر العهد به (١) ، إلا أن الروايات الحبشية والإغريقية ، إنما تذهب إلى أن الرجل قد وقع أسيرا في أيدي أعدائه فقتلوه ، بل إن هناك رواية غريبة تنسب إلى «علقمة ذي جدن» شعرا جاء فيه :
[أو ما سمعت بقتل حمير يوسفا : أكل الثعالب لحمه فلم يقتبر] ، والرواية قد يفهم منها أن الرجل إنما قتل بيد الحميريين أنفسهم ، وإن جثته لم تقبر ، وإنما ألقيت إلى الحيوانات المفترسة حيث أكلتها ، وطبقا لهذه الرواية ، فإن «فون كريمر» إنما يذهب إلى أن ذا نواس لم يغرق في البحر ، وإنما قتل قتلا ، كما جاء في الروايات العربية ، وأخيرا ، فإن هناك رواية تذهب إلى أنه قد مات حريقا بنيران الأخدود الذي أوقده (٢).
وعلى أي حال ، فإن «جون فلبي» قد زار نجران ، وعثر هناك على خرائب أثرية قديمة في بلدة «رجمت» ، ذهب إلى أنها هي آثار الأخدود الذي احتفره ذو نواس في هذه القصة موضوع الدراسة (٣).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ١٢٥ ، ١٢٧ ، المقدسي ٣ / ١٨٥
(٢) تفسير القرطبي ١٩ / ٢٨٩ ، عبد المجيد عابدين : بين الحبشة واليمن ص ٥١ ، جواد علي ٣ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، وكذاProcopius ,I ,XX ,I وكذاZDMG ,٥٣ ,٨٨١ ,P.٦١ وكذاMalala ,P.٣٣٤ وكذا انظر Von Kremer, Sudarabische Sage, ٧٢١ P. P. ٢٩, ٧٢١ وكذاREP.EPIGR ,V ,I ,P.٥ ثم قارن : سعد زغلول : من تاريخ العرب قبل الاسلام ص ١٩٧ ـ ١٩٨ ، حيث يرى أنه ربما قتل دون أن يعرف أمره في وسط اضطراب المعركة التي دارت على مقربة من الشاطئ ربما من موضع نزول الحملة من مراكبها.
(٣) عبد العزيز سالم : المرجع السابق ص ١٨٦ وكذاJ.B.iPhilby ,Arabian Highlands ,P.٧٣٢ F