وقد نجحت مرة ، وفشلت مرات ، وضمت إليها جزءا كبيرا أو صغيرا طبقا لظروف البلدين ، بدليل ذكر اليمن في ألقاب السيادة التي اتخذها ملوك أكسوم في نقوشهم ، فالملك «عيزانا» مثلا كان لقبه «ملك أكسوم وحمير وزيدان وسبأ وسلحين» (١) ، بل ان هناك نقشا لملك جاء قبل عيزانا يلقب فيه بملك الأكسوميين والحميريين (٢) ،
وفي عام ٥١٥ م يجلس على عرش اليمن «ذو نواس» ، وهو «زرحة ذو نواس بن تبان أسعد أب كرب» ، والذي سمي «يوسف» بعد اعتناقه اليهودية ، هذا ويذهب بعض الأخباريين إلى أن السبب في تسميته «ذي نواس» أن كانت له ذؤابتان تنوسان على عاتقه ، وبهما سمي ذي نواس (٣) ، وعلى أي حال ، فهو الملك الذي احتل الأحباش اليمن في عهده ، وبقوا فيها نصف قرن من الزمان ، وإن كانت هذه ليست هي المرة الأولى التي يغزو الأحباش فيها اليمن ، كما رأينا من قبل ، وإن كان الجديد هنا أن الغزو قد اتخذ من الدفاع عن المسيحية والمسيحيين سببا.
هذا ويتجه بعض الباحثين إلى أن المسيحية بدأت تأخذ طريقها نحو اليمن منذ القرن الرابع الميلادي ، وأن ذلك إنما تمّ على يد «ثيوفيلس» الذي نجح في حوالي عام ٣٥٤ م من نشر الديانة الجديدة بين العرب الجنوبيين ، ثم سرعان ما أنشأ كنيسة في «ظفار» ، كان لها الأسبقية على غيرها ، ومن ثم فقد أصبح رئيس أساقفتها بمثابة المشرف على كنائس بلاد العرب الجنوبية (٤).
__________________
(١) Le ,Museon ,٤٦٩١ ـ ٣ ـ ٤ ,P.٨٤٤
(٢) عبد المجيد عابدين : المرجع السابق ص ٣٤
(٣) ابن الاثير ١ / ٤٢٥ ، مروج الذهب ٢ / ٥٢ تاريخ اليعقوبي ١ / ١٩٩ ، المعارف لابن قتيبة ص ٣١١ ، وهب بن منبه : المرجع السابق ص ٣٠٠ ، تفسير القرطبي ١٩ / ٢٩٣ كتاب المحير ص ٣٦٨
(٤) انظر : A.Grohmann ,Arabiean ,P.٩٢ وكذاP.K.Hitti ,op - cit ,P.١٦