وهكذا ، وعن طريق القصص القرآني ، يقدم لنا كتاب الله العزيز ، معلومات هامة عن عصور ما قبل الإسلام وأخبار دولها ، أيدتها الكشوف الحديثة كل التأييد ، فيقدم لنا ـ عن طريق قصة موسى ـ كثيرا من المعلومات عن الملكية الإلهية في مصر الفرعونية ، وعن الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها (١) ، والأمر كذلك بالنسبة إلى قصة إبراهيم ، حيث تقدم لنا الكثير عن العراق القديم (٢).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن أبرز قصص الأنبياء في القرآن الكريم ، إنما هما قصتا إبراهيم وموسى عليهماالسلام ، فهما قصتان مسهبتان في أجزائه ، ربما لأنهما ترويان نبأ الرسالة بين أعرق أمم الحضارة الإنسانية وهما أمة وادي النهرين وأمة وادي النيل ، ومن أجل ذلك كانت القصتان أو في القصص بين جميع قصص الأنبياء ، وكانت الثورة فيهما على ضلال العقل في العبادة جامعة لأكثر العبادات المستنكرة في الزمن القديم (٣).
وأما عن بني إسرائيل ، فليس هناك من شك في أنه ليس هناك كتاب سماوي ـ حتى التوراة نفسها ـ قد فصل الحديث عن بني إسرائيل ، وأفاض في وصف يهود وأحوالهم وأخلاقهم ، وأبان مواقفهم من الأنبياء ، كما فعل القرآن الكريم ، وصدق الله العظيم ، حيث يقول : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٤).
__________________
(١) انظر عن قصة موسى (البقرة : آية ٤٧ ـ ٧٤ ، الأعراف : آية ١٠٣ ـ ١٥٥ ، يونس : آية ٧٥ ـ ٩٣ ، طه : آية ٩ ـ ٩٩ ، الشعراء : آية ١٠ ـ ٦٨ ، القصص : آية ٣ ـ ٤٤ ، غافر : آية ٢٣ ـ ٥٤)
(٢) أنظر عن قصة إبراهيم (البقرة : آية ٢٥٨ ، الإنعام : آية ٧٤ ـ ٨٣ ، مريم : آية ٤١ ـ ٥٠ ، الأنبياء : آية ٥١ ـ ٧٣ ، الشعراء : آية ٦٩ ـ ٨٩ ، الصافات : آية ٨٣ ـ ١١٣
(٣) عباس العقاد : المرجع السابق ص ٢١٨
(٤) سورة النمل : آية ٧٦