حتى يأمر بضم امرأته إلى حريمه (١)
والواقع أنه ليست هناك صورة تجمع بين النقيضين اللذين لا التقاء بينهما ، كالصورة التي تقدمها التوراة لنا عن داود ملك اليهود القدير ، فهو الشجاع قاتل جالوت الجبار بمقلاعه دون سيف في يده (٢) ، وبذا يصبح مطاردا من الفلسطينيين ، ولكنه سرعان ما يشاركهم في محاربة عدو لهم ، بل ويضع سيفه تحت تصرفهم ضد مواطنيهم اليهود ، (٣) ، وهو يعمل حامل سلاح شاؤل الإسرائيلي يوما ما ، ثم حارسا ل «أخيش» الفلسطيني يوما آخر (٤) ، وهو قد بدأ حكمه تحت سيادة الفلسطينيين ثم أنهاه وقد قضى على نفوذهم تماما ، وهو عدو شاؤل اللدود ، ولكنه في نفس الوقت زوج ابنته ، وحبيب ابنه «يوناثان» ، وكثير من فتيات إسرائيل (٥) ، وهو يعمل مغنيا في بلاط شاؤل ، لأنه يجيد الضرب على القيثار ، ويغني أغانيه العجيبة بصوته الرخيم ولكنه في نفس الوقت الفارس المغوار ، حامل سلاح الملك وقاتل أعدائه (٦).
وهو قاس غليظ القلب ـ كما كان الناس في وقته وكما كانت قبيلته ـ وهي صور مستحبة في اذهان اليهود ، خلعوها على إلههم «يهوه» ، من بين ما خلعوا عليه من صفات ، ولكنه في نفس الوقت كان مستعدا لأن
__________________
(١) صموئيل ثان ١١ : ٢ إلى ١٢ : ١٢ ، وأنظر عن تهم كذوب أخرى ألصقتها التوراة بالنبي الأواب (صموئيل أول ٢١ : ٢ ، ١٨ : ٢٥ ، ٢٧ ، ملوك أول ٢ : ٨ ، ٩ ، صموئيل ثان ١٣ : ١ ـ ١٤ ، ١٤ : ٢٤ ، ٢٨ ، ملوك أول ١٥ : ٥ ، أخيار أول ٢٠ : ٣٠ ، صموئيل ثان ٢ : ٦ ـ ١٩ ، وراجع كتابنا إسرائيل ص ٧٩ ـ ٨٤)
(٢) صموئيل أول ١٧ : ٥٠
(٣) صموئيل أول ٢٩ : ٢ ـ ٢
(٤) صموئيل أول ٢٨ : ١ ـ ٢
(٥) صموئيل أول ١٨ : ١ ـ ٧
(٦) صموئيل أول ١٦ : ٢١ ـ ٢٣