عن عيوب غيره ، وأُبصِّره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان.
يا أحمد ، ليس شيء من العبادة أحبُّ إليَّ من الصمت والصوم. فمن صام ولم يحفظ لسانه ، كان كمن قام ولم يقرؤ في صلاته ؛ فأُعطيه أجر القيام ولم أُعه أجر العابدين.
يا أحمد ، هل تدري متى يكون العبد عابداً؟
قال : لا يا رب.
قال : إذا اجتمع فيه سبع خصال : ورع يحجره عن المحارم ، وصمت يكفُّه عمّا لا يعنيه ، وخوف يزداد كل يوم من بكائه ، وحياء يستحيي منِّي في الخلاء ، وأكل ما لا بدَّ منه ، ويبغض الدنيالبغضي لها ، ويحبُّ الأخيار لحبِّي إيّاهم.
يا أحمد ، ليس كل من قال أُحبُّ الله أحبَّني ، حتى يأخذ قوتاً ، ويلبس دوناً ، وينام سجوداً ويطيل قياماً ، ويلزم صمتاً ، ويتوكَّل عليَّ ، ويبكي كثيراً ، ويقلُّ ضحكاً ، ويخالف هواه ، ويتَّخذ المسجد بيتاً ، والعلم صباحاً ، والزهد جليساً ، والعلماء أحبّاء ، والفقراء رفقاء ، ويطلب رضاي ، ويفرُّ من العاصين فراراً ، ويشغل بذكري إشتغالاً ، ويكثر التسبيح دائماً ، ويكون بالوعد صادقاً ، وبالعهد وافياً ، ويكون قلبه طاهراً ، وفي الصلاة زاكياً ، وفي الفرائض مجتهداً ، وفيما عندي من الثواب راغباً ، ومن عذابي راهباً ، ولأحبّائي قريناً وجليساً.
يا أحمد ، لو صلّي العبد صلاة أهل السماء والأرض ويصوم صيام أهل السماء والأرض ويطوي من الطعام مثل الملائكة ولبس لباس العاري ، ثم أرى في قلبه من حبِّ الدنيا ذرَّة أو سمعتها أو رئاستها أو حليِّها أو زينتها ، لا يجاورني في داري ، ولأنزعنَّ من قلبه محبَّتي.
وعليك سلامي ورحمتي ، والحمد لله رب العالمين ١.
__________________
١. بحار الأنوار : ج ٧٧ ص ٢١ ب ١ ح ٦.