ثم أتاني الخازن بثلاث أواني : إناء فيه لبن ، وأناء فيه ماء ، وإناء فيه خمر. فسمعت قائلاً يقول : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هُدِي وهُدِيَت أمته. فأخذت اللبن فشربت منه ، فقال جبرئيل : هُديتَ وهُدِيَت أمتك.
ثم قال لي : ماذا رأيت في مسيرك؟
فقلت : ناداني مناد عن يميني.
فقال لي : أوَ أجَبتَه؟
فقلت : لا ، ولم ألتفت اليه.
فقال : ذاك داعي اليهود ، لو أجبتَه لَتَهَّدَت أمتك من بعدك.
ثم قال : ماذا رأيت؟
فقلت : ناداني مناد عن يساري.
فقال : أوَ أجَبتَه؟
فقلت: لا ، ولم ألتفت إليه.
فقال : ذاك داعي النصاري ، لو أجبتَه لَتَنَصَّرَت أمتك من بعدك.
ثم قال : ماذا استقبلك؟
فقلت : لقيتُ إمرأة كاشفة عن ذراعيها ، عليها من كل زينة ، فقالت : يا محمد ، أُنظرني حتى أكلِّمك.
فقال لي : أفَكلَّمتَها؟
فقلت : لم أكلِّمها ولم ألتفت إليها.
فقال : تلك الدنيا ، ولو كلَّمتَها لاختارَت أمتك الدنيا على الآخرة.
ثم سمعت صوتاً أفزَعني. فقال جبرئيل : أتَسمع يا محمد؟
قلت : نعم.
قال : هذه صخرة قذّفتُها عن شفير جهنم منذ سبعين عاماً ، فهذا حين استقرَّت.
قالوا : فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قُبِض.