واختصَّت في مزيَّتها العلياء بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله. فكانت من أعظم المعارف الإسلامية والمعالم الدينية. بحيث ورد في حديثها : أن من أقرَّ بالتوحيد والمعراج فهو مؤمن حقاً. بل ورد عدم إيمان من أنكرها ، وتكذيبه للرسول صلى الله عليه وآله إذا كذَّبها. كما تلاحظها في الأحاديث الآتية في المقام الثالث.
ومعراج رسول الله صلى الله عليه وآله قد دلَّت وصرَّحت به آيات الكتاب المجيد ، ومتواتر الحديث السديد ، وأجمعَت عليه الأمة ، ونقلَته التواريخ المهمة.
فكان لابدَّ لنا من دراسة متابعة لهذا السير السماوي الرفيع ، والإرتقاء النبوي الشامخ ، تحت ظلِّ الآيات القرآنية ، والأحاديث المعصومية ، مما يحصل منها القطع واليقين على الصعيد الإعتقادي الحق المبين. بل لكَي يُستفاد منها ، أن المعراج من ضروريات الدين ، ومن المسلَّمات عند جميع فرق المسلمين ، ومما قام عليه قاطع البرهان وحصل به علم الوجدان.
وحتى تظهر الحجة وتتَّضح المحجة ، أن المعراج من آثار القدرة الإلهية والإعجازات الربانية التي أرادها الله تعالى ، الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. وقضاها الله الذي هو ملك الأرض والسماوات وهي له طائعات.
فتنقطع بذلك شبهات المنحرفين في ذلك ، أو المختلفين فيما هنا لك ، ممن أدعى أن معراجه صلى الله عليه وآله كان بالروح فقط دون الجسم ، أو في الرؤيا دون اليقظة. لزعمه امتناع العروج بالجسم بتلك السرعة ، أو امتناع خرق الأفلاك السماوية ، أو امتناع البقاء في خارج هواء الفضاء.
فإن هذه شبهات واهية في قبال القدرة الإلهية غيرالمتناهية ، التي تعلَّقت بإسراء سيد أنبيائه بجسمه وروحه إلى ملكوت سماواته. وستظهر فهاهة هذه الشبهات ، خصوصاً على ضوء العلم الحديث الذيخرق الفضاء ، وسار إلى جوِّ السماء.
ولتنقيح البحث وتكميل المبحث ، كان لابدَّ من دراسة هذا المعراج على كلا الصعيدين : الثبوت والإثبات.
فتتمُّ الحجة على عروجه صلى الله عليه وآله بجسمه وروحه معا في يقظته ، لا بخصوص روحه أو في منامه.