فيما يروي عن العرب من الغريب.
وأما أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيب الأصمعي : فإنَّ أبا الفضل المنذريَّ أخبرني عن أبي جعفر الغساني عن أبي محمد سَلمة بن عاصم أنه قال : كان الأصمعي أذكى من أبي عبيدة وأحفظ للغريب منه ، وكان أبو عبيدة أكثر رواية منه. قال : وكان هارون الرشيد استخلص الأصمعي لمجلسه ، وكان يرفعه على أبي يوسف القاضي ويجيزه بجوائز كثيرة. وكان أكثر علمه على لسانه.
وأخبرني المنذريّ عن الصيداوي عن الرياشيّ قال : سمعتُ الأصمعيَّ يقول : خير العلم ما حاضرت به. قال : وكان شديد التوقِّي لتفسير القرآن ، صدوقاً صاحب سنة ، عمّرَ نيفاً وتسعين سنة ، وله عقب. وأبو عبيدٍ كثير الرواية عنه. ومن رواته أبو حاتم السجستاني وأبو نصر الباهلي صاحبُ كتاب «المعاني».
وكان أملى ببغداد كتاباً في «النوادر» فَزِيد عليه ما ليس من كلامه. فأخبرني أبو الفضل المنذري عن أبي جعفر الغسانيّ عن سلمة قال :
جاء أبو ربيعة صاحب عبد الله بن ظاهر صديقُ أبي السمراء ، بكتاب «النوادر» المنسوب إلى الأصمعي فوضعه بين يديه ، فجعل الأصمعي ينظر فيه ، فقال : ليس هذا كلامي كله ، وقد زِيد فيه عليَّ ، فإن أحببتم أن أعْلِم على ما أحفظه منه وأضرب على الباقي فعلتُ وإلّا فلا تقرءوه. قال سلمة بن عاصم : فأعلم الأصمعي على ما أنكر من الكتاب ، وهو أرجحُ من الثلث ، ثم أمَرنا فنسخناه له.
وجمع أبو نصر عليه كتاب «الأجناس» ، إلّا أنه ألحق بأبوابه حروفاً سمعها من أبي زيد وأتبعه بأبواب لأبي زيد خاصة.
وله كتابٌ في «الصفات» يشبه كلامه ، غير أن الثقاتِ لم يرووه عنه.
وروى أبو العباس أحمد بن يحيى عن أبي نصر عن الأصمعيّ نوادر وأمثالاً وأبياتاً من المعاني ؛ وذكر أنَّ أبا نصر ثقة ، وأبو إسحاق الحربي كثير الرواية عن أبي نصر.
وما وقع في كتابي لأبي عبيد عن الأصمعي فما كان منه في تفسير «غريب الحديث» فهو مما أخبرني عبد الله بن محمد بن هاجَك عن أحمد بن عبد الله عن أبي عبيد. وما كان منها في «الصفات» و «النوادر» والأبواب المتفرقة فهو مما أخبرني به أبو بكر الإيادي عن شِمر لأبي عبيد.