وكلُّ مانعٍ منعَكَ من شُغل وغيره من الأمراض فهو عارضٌ ، وقد عَرضَ عارضٌ ، أي حال حائلٌ ومنع مانع. ومنه قيل لا تَعرِضْ لفلانٍ ، أي لا تعترضْ له فتمنعَه باعتراضك أن يقصد مُرادَه ويذهب مذهبَه. ويقال سلكتُ طريقَ كذا فعرض لي في الطَّريق عارضٌ ، أي جبلٌ شامخ قطع عليَّ مذهبِي على صَوْبي.
وقال أبو عبيد عن الأصمعيّ : فلانٌ عُرضة للشَّرّ ، أي قويٌّ عليه. وفلانة عُرضةٌ للأزواج ، أي قويَّة على الزَّوْج.
قلت : وللعُرضة معنًى آخر ، وهو الذي يَعرِض له الناسُ بالمكروه ويقَعون فيه.
ومنه قول الشاعر :
وإنْ يَتركوا رهط الفَدَوْكسِ عُصبةً |
يتامَى أيامَى عُرضةً للقبائل |
أي نَصباً للقبائل يعترضهم بالمكروه مَن شاء.
وقال الليث : فلانٌ عُرضَةٌ للناس : لا يزالون يَقعون فيه.
وقول الله جلّ وعزّ : (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) [الأعرَاف : ١٦٩] قال أبو عبيد : جميع متاع الدُّنيَا عَرَضٌ ، بفتح الراء. يقال : إنّ الدُّنيا عَرضٌ حاضر ، يأكل منها البَرُّ والفاجر. وأما العَرْض بسكون الراء فما خالفَ الثمنَين : الدَّنانيرَ والدراهم ، من متاع الدُّنيا وأثاثها ، وجمعه عُروض. فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض ، وليس كلُ عَرَضٍ عَرْضاً.
وقال الأصمعي : يقال عَرَضْتُ لفلانٍ من حقِّه ثوباً فأنا أعرِضه عَرضاً ، إذا أعطيتَه ثوباً أو متاعاً مكانَ حقِّه. و «من» في قولك عرضت له من حقّه بمعنى البدل ، كقول الله عزوجل : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) [الزّخرُف : ٦٠] يقول : لو نشاء لجعلنا بدلكم في الأرض ملائكة.
وقال الليث : عَرضَ فلانٌ من سِلعته ، إذا عارضَ بها : أعطى واحدةً وأخذَ أخرى.
وأنشد قول الراجز :
هل لكِ والعارِضُ منكِ عائضُ |
في مائة يُسْئِر منها القابضُ |
قلت : وهذا الرجز لأبي محمد الفقعسيّ يخاطب امرأةً خطبَها إلى نفسها ورغّبها في أن تنكحه بمائة من الإبل يَجعلها لها مهراً. وفيه تقديم وتأخير ، والمعنى : هل لكِ في مائة من الإبل يُسئر منها قابضُها الذي يسوقها لكثرتها. ثم قال : والعارض منك عائض ، أي المعطِي بدل بُضْعكِ عَرْضاً عائض ، أي آخذ عِوضاً يكون كِفاءً لما عَرَضَ منك. يقال عِضْتُ أَعاضُ ، إذا اعتضتَ عوضاً ، وعُضْتُ أعوض ، إذا عوَّضت عوضاً ، أي دفعت. فقوله عائض من عِضْت لا من عُضْت.
وقال الليث : العَرَض من أحداث الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك. وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : العَرَض : الأمر يَعرِضُ للرجل يُبتَلَى به. قال : وقال أبو زيد : يقال أصابه سهمُ عَرَضٍ ، مضاف ، وَحَجَر عَرَض ، إذا تُعُمِّد به غيرُه فأصابه. فإن سقَطَ عليه حجرٌ من غير أن يَرمِيَ به أحدٌ فليس بعَرَض. ونحوَ ذلك قال النضر.