ومَنْ قَالَ. يُغِلُ ـ بضم الياء ـ جَعَله من الخِيانَةِ.
وقيل في قولهِ : «ثلاثٌ لا يُغِلُ عليهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٍ» ، أيْ : لا يكونُ مَعَهما في قلبِهِ غِشٌّ ولا دَغَلٌ من نِفاقٍ ، ولكنْ يَكُونُ مَعَها الاخلاصُ في ذاتِ الله (جلّ وعزّ).
قال : وأما غَلَ يَغُلُ غُلُولاً ، فإنَّهُ الخِيَانَةُ في المَغْنَمِ ـ خَاصَّةً.
والإغْلالُ : الخيانَةُ في المغانِمِ ، وغيرِها ، ويُقَالُ منَ الغِلِ ، غَلَ يَغِلُ ، ومن الغُلُولِ : غَلَ يَغُلُ.
وقال الزَجّاج : غَلَ الرّجُلُ يَغِلُ : إذَا خَانَ ؛ لأنّه أخَذَ شيئاً في خَفَاء. وكلُّ ما كانَ من هذَا البابِ ، فهو راجِعٌ إلى هذا ، من ذلِك : الغَالُ ، وهو الوادِي المُطْمَئِنُّ الكثيرُ الشَّجَرِ ، وجمعُه : غُلّانٌ.
ومِنْ ذلِكَ : الغِلُ ، وهو الحِقْدُ الكَامِنُ ، ويقالُ : قد أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ ، فَهْيَ مُغِلَّةٌ ، إذا أَتَتْ بِشَيءٍ ، وأصلها باقٍ ومنْهُ قَوْلُ زُهَيرٍ :
فَتُغْلِلْ لَكُمْ ما لا تُغِلُ لأهْلِهَا |
قُرًى بالعِراقِ من قَفِيزٍ ودِرْهَمٍ |
وقال ابن الأعرابيّ ـ «في النوادِرِ» ـ غَلَ بَصَرُ فُلانٍ : حادَ عنِ الصَّوابِ وأَغَلَ الرجلُ ، إذا خَانَ.
قُلْتُ : قولُه : غَلَ بَصَرُ فُلانٍ ، أيْ : حَادَ عن الصَّوابِ ، مِنْ غَلَ يَغِلُ ، وهو معنى قولِهِ : «ثلاثُ لا يَغِلُ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤمنٍ» ، أيْ : لا يَحِيدُ عن الصَّوابِ غاشّاً. وَأَغلَ الخَطِيبُ ، إذا لم يُصِبْ في كلامِهِ.
وقال أبو وجزَةَ :
خُطَبَاءُ لا خُرُقٌ وَلَا غُلَلٌ إذَا |
خُطَبَاءُ غيرُهُمُ أَغَلَ شِرارُهَا |
وقال أبو عُبيد : قال أبو زَيْدٍ : أغْلَلْتُ الإِبِلَ ، إذا أصْدَرْتَها ، ولم تُرْوِها ، فهي عَالَّةٌ ـ بالعَينِ.
وقال نُصيرُ الرّازي : إذا صَدَرَتِ الإِبِلُ عِطاشاً ، قُلْتَ : صَدَرَت غَلَّة وَغوالَ ، وقد أَغْلَلْتَها أْتَ ، إذا أسَأتَ سَقْيها. قالتُ والصّوابُ : أغْلَلْتُ : الأبلَ ، إذا أصْدَرتَها ، ولم تُرْوِها فهي : غَالَّةٌ ـ بالغيْنِ ـ من الغُلَّةِ ، وهي حَرارَةُ العَطَشِ.
وفي «نوادِرِ أبي زَيْدٍ» : أغْلَلْتُ في الإِهابِ ، إذا سَلَخْتَهُ وتَركْتَ على الجِلْدِ اللّحْمَ ، قالَ : وَأغللتَ أبِلَكَ إغْلالً ، إذا أَسَأَتَ سَقيَها ، فأَصْدَرْتَها وَلم تُرْوِهَا ، وصَدَرَتْ غوالَ ؛ الواحدةُ : غَالَّةٌ ، وكَأَنَّ الرّاوِيّ عن أبي عُبيدٍ غَلِطَ فيه. وَقولُ الله جلّ وعزّ : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) [يس : ٨] هي الجَوَامِعُ تَجْمَعُ أيْدِيهُم إلى أَعْنَاقِهِمْ ، وأما قولُهُ ـ جلّ وعزّ ـ في صفةِ نبيِّهِ صَلَى الله عليه وسلم : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧]. قال أهلُ التَفْسِيرِ : كانَ عليهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ ، لا يُقْبَلُ في ذلكَ دِيَةٌ ، وَكَانَ عَلَيْهمْ ،