قولهم : أقرّ اللهُ عينَه.
قال الأصمعي : معناه : أبردَ اللهُ دمعَه لأن دمعةَ السرورِ باردةٌ ودمعة الحزن حارةٌ ، وأقرّ مُشتقٌّ من القَرُور ، وهو الماءُ البارِدُ.
قال المنذري : وعُرِضَ هذا القولُ على أحمدَ بن يحيى فأنكرَه وقالَ هذا خرا.
وقال أبو طالب : وقال غيرُ الأصمعي : أقَرّ اللهُ عينَك أي : صادَفتَ ما يُرضيكَ فتقر عينُكَ من النظر إلى غيره ، ويقال للثائر إذا صادَفَ ثأْرَهُ وقَعْتَ بقُرِّك أي : صادفَ فؤادُك ما كانَ مُتطلِّعاً إليه فقَرّ.
وقال الشماخُ :
كأنها وابْنَ أَيامٍ تُرَبِّبُه |
من قُرّة العينِ مجتابا ديابُوذ |
أي : كأنهما من رِضاهُما بمَرْتعهما وتركِ الاستبدال به مُجْتابا ثَوْبٍ فاخرٍ ، فهما مسرورانِ به.
قال المنذري : فعُرضَ هذا القول على ثعلب فقال : هذا هو الكلامُ أي سَكَّنَ اللهُ عينَك بالنظر إلى ما تُحِب.
قال أبو طالب : وقال أبو عمرو : أقر الله عينه : أنامَ الله عينهُ ، والمَعْنى : صادف سُروراً يُذهِبُ سهره فينامُ.
وأنشد :
أقر بهِ مواليكَ العُيونَا
وقال الكسائي : قَرِرتُ به عيناً أقَرُّ قُرةً وقُروراً ، وبعضُهم يقول : قرَرْتُ بهِ أقِر.
قال الكسائي : وقرَرْتُ بالموضِع أقِر قَراراً ، ويُقال من القُرِّ قَرَّ يَقُر.
ابن السكيت عن الفراء : قرِرتُ به عيناً فأنا أقَر وقَررْتُ أَقِرُّ وقرِرْتُ في الموْضِع مِثْلُها.
وقال الفراءُ في قوله جلَّ ثناؤُه : وقرن فى بيوتكنّ [الأحزاب : ٣٣] هوَ من الوقار.
قال : وقرأ عاصمٌ وأهل المدينة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) قال : ولا يكونُ ذلك من الوقار ولكنْ ترى أنهمْ أرادوا : واقررن في بيوتكن ، فَحَذَفوا الراءَ الأولى وحُوِّلتْ فَتْحتها في القاف كما قالوا هلْ أحَسْتَ صاحِبَك وكما قال (فَظَلْتُمْ) [الواقعة : ٦٥] يريدُ فظللتم.
قال : ومن العرب منْ يقول : واقْرِرْنَ في بيوتكنَّ ، فإن قال قائلٌ : وقِرنَ يريد واقررنَ فيُحَول كسْرَةَ الراء إذا سقطتْ إلى القافِ كان وجهاً ، ولم نجد ذلك في الوجهين مستعمَلاً في كلام العربِ إلا في فَعَلتُ وفعلتم وفعَلْنَ.
فأما في الأمر والنهيِ والمستقبل فلَا إلا أنّا جوَّزْنا ذلكَ لأن اللامَ في النسوة ساكنةٌ في فَعلنَ ويَفعلْنَ فجاز ذلك.
وقد قال أعرابيٌّ من بني نُمَير : يَنْحِطنَ من الجبلِ يريد يَنْحَطِطْنَ فهذا يُقَوِّي ذلك.
قلت : ونحو ذلك قال الزَّجَّاج في جَمِيعِه.