الإبل على الخمسِ إلى العشْرِ ، وما زادَ على العَشْرِ إلى خَمْسَ عشرةَ ، يقول : لا يؤخذُ من ذلك شيءٌ ، وكذلك جميعُ الأشناق.
وقال الأخطل يمدح رجلاً :
قَرْمٌ تُعَلَّقُ أشناقُ الدِّياتِ بهِ |
إذا المؤُونَ أُمِرَّتْ فوقهُ جملا |
قال أبو سعيد الضرير : قوله : الشَّنَق ما بين الخمسِ إلى العشرِ مُحالٌ ، إنما هو إلى تِسْعٍ فإذا بلغ العشرَ ففيها شاتانِ ، وكذلك قوله : ما بين العشرِ إلى خمسَ عشرةَ كان حَقُّهُ أن يقولَ إلى أربعَ عشرةَ لأنها إذا بلغت خمسَ عشرةَ ففيها ثلاثٌ من الغنمِ.
قلت أنا : جعل أبو عبيد (إِلى) في قوله : إلى العشرة ، وإلى خَمس عشرة انتهاءَ غاية غيرَ داخل في الشَّنَق كقول الله : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة : ١٨٧] والليلُ غير داخل في الصيام ، فجعل ما بين العشر إلى خمسَ عشرةَ شَنَقاً ، وهي أربعة ، وهذا عند النحويين جائز صحيح ، والله أعلم.
قال أبو سعيد : وإنما سُمِّيَ الشنَقُ شنقاً لأنه لم يؤخذ منه شيءٌ وأُشْنِقَ إلى ما يليه مما أُخِذَ منه.
قال : ومعنى قولهِ لا شِناقَ أي : لا يُشْنِقُ الرجلُ غَنَمَهُ أو إبلهُ إلى غَنَم غيره لِيُبْطِلَ عن نفسهِ ما يجبُ عليه من الصَّدَقَةِ ، وذلك أن يكونَ لكُلِّ واحدٍ منهما أربعونَ شاةً فيجِبُ عليها شاتانٍ فإن أَشْنَقَ أَحدُهُما غَنَمه إلى غنمِ الآخر فوجدها المُصَدِّقُ في يَدِهِ أخذَ منها شاةً.
قال : وقولهُ : لا شِناقَ ، أي : لا تُشانِقوا فتجمَعُوا بينَ مُتَفرِّقٍ ، قال : وهو مثل قولهِ لا خِلَاط.
قال أبو سعيد : وللعرب ألفاظٌ في هذا الباب لم يَعْرِفْها.
أبو عبيد : يقولونَ : إذا وجبَ على الرجلِ شاةٌ في خمسٍ من الإبلِ قد أَشْنَقَ الرجلُ ، أي : قد وجَبَ عليه شَنَقٌ فلا يزالُ مُشنقاً إلى أن تبلغَ إبلُهُ خمساً وعشرين ، فكل شيءٍ يؤدِّيهِ فيها فهيَ أَشْنَاقٌ ، أربعٌ من الغنمِ في عشرينَ إلى أربع وعشرين ، فإذا بلغت خمساً وعشرينَ ففيها ابنةُ مَخَاضٍ ، وقد زالت أسماءُ الأشناقِ ، وقال : الذي يجب عليه ابنةُ مَخاضٍ مُعَقَّل ، أي مُؤَدٍّ للعِقال ، فإذا بلغت إبلهُ ستّاً وثلاثين إلى خمسٍ وأربعينَ فقدْ أَفْرَضَ أي : وجبتْ في إبِلِهِ فريضةٌ.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمةَ عن الفراء : أن الكسائي ذكرَ عن بعضِ العربِ أن الشَّنَقَ ما بلغ خمساً إلى خمسٍ وعشرين. قال : والشَّنَقُ ما لم تجبْ فيه الفريضةُ ، يُريدُ ما بينَ خمسٍ إلى خمسٍ وعشرين.