وقال أبو الهيثم : يقال : صَدَقني فلان أي : قال لي الصِّدق ، وكَذَبني : أي : قال لي الكذب.
ومن كلام العرب : صَدَقْتُ الله حديثاً إن لم أفعل كذا : يمينٌ ، المعنى : لا صدقت الله حديثاً إن لم أفعل كذا.
وقال شمر : الصَّيْدَق : الأمِين ، وأنشد قول أمَيَّة :
فيها النجوم تطيع غير مُرَاحة |
ما قال صَيْدَقُها الأمين الأرشد |
قال : وقال أبو عمرو : الصيدق : القطب ، وقيل : الملك.
وقال الله عزوجل : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ نِحْلَةً) [النساء : ٤].
يقال : هو صِداقُ المرأة وصُدْقَةُ المرأة وصَدَاقُ المرأة مفتوحاً ، وهو أقلها ، والذي في القرآن جمع صَدُقةٍ ، ومن قال صُدْقَةُ المرأة قال صُدُقاتٌ ، كما تقول غُرْفَةُ وغُرُفاتٌ ، ويجوز صُدَقاتِهنَ بضم الصاد وفتح الدال ويجوز صُدُقاتهنَ ، ولا يقرأ من هذه اللغات إلا بما قُرئ به لأن القراءة سُنَّةٌ ، وهذا كله قول أبي إسحاق النحوي.
وقال الليث : كل من صدَّق بأمر الله لا يتخالجه في شيء منه شكٌّ ، وصدَّق النبي صلىاللهعليهوسلم فهو صِدِّيقٌ ، وهو قول الله : (الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [الحديد : ١٩] ، والصداقة مصدر الصَّدِيق ، والفعل : صادقهُ مصادقة واشتقاقه أنه صَدَقهُ المودَّة والنصيحة ، والصَّدَقَةُ ما تصدقت به على مسكين ، والمُعطِي مُتَصَدِّقٌ والسائلُ متصَدِّق ، هما سواءٌ.
قال أبو منصور : وحُذَّاق النحويين وأئمة اللغة أنكروا أن يقال للسائل مُتَصَدقٌ ؛ ولم يجيزوه ، قال ذلك الأصمعي والفراء : إنما يقال للمُعطي مُتَصَدِّقٌ.
قال الله عزوجل : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) [يوسف : ٨٨] ، ويقالُ للرجل الذي يأخذ الصدقاتِ ويجمعُها لأهل السُّهمان : مُصدق بتخفيف الصادِ ، وأَما المُصَّدِّقُ بتشديد الصادِ والدالِ ، فهو المُتَصَدِّقُ وأدغِمَتْ التاءُ في الصادِ فَشُدِّدَتْ. قال الله عزوجل : (إِنَ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) [الحديد : ١٨].
وأما قوله جلَّ وعز : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)) [الصافات : ٥٢ ، ٥٣] ، فالصاد خفيفةٌ والدالُ شديدةٌ ، وهو مِنْ تصديقِك صاحبَكَ إذا قالَ قولاً أوْ حَدَّثَ حَدِيثاً ، وكذلك مُصَدِّقُ الصدَقاتِ.
وأنشد :
وَدَّ المُصَدِّقُ مِنْ بَني غبرٍ |
أنَّ القبائِلَ كلها غَنَمُ |
ومن قرأ : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ)