وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم ، أنه قال : الناَّشئ الشابّ حين نشأ ، أي بلغ قامَةَ الرجل ، ويقال للشابّ والشابَّة إذا كانوا كذلك : هم النَّشَأ يا هذا والنّائون ، وأنشد لنُصَيب :
وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ |
لَقُلْتُ بنفسيَ النَّشَأُ الصِّغَارُ |
فالنَّشَأ قد ارتفعْن عن حدّ الصِّبا إلى الإدراك ، أو قربْنَ منه.
نشأَتْ تنشَأ نَشْأ ، وأنشأ الله إنشاء ، قال وناشيء ونَشَأ جماعة ، مثل خادم وخَدَمَ ، وطالب ، وطَلَب.
الحرانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، قال : النَّشَأ : الجواري الصّغار في بيت نُصَيب.
وقال الفراءِ في قول الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) [العنكبوت : ٢٠].
قال : القُرّاء مجتمعون على جزم الشين ، وقَصْرها إلا الحسن البَصْرِي ، فإِنه مَدَّها في كلّ القرآن ، فقال : النَّشاءة ، وهو مثل الرّأفة والرآفة ، والكَأبة والكآبة.
وقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) [الزخرف : ١٨] ، قال الفرّاء : قرأ أصحابُ عبد الله : (يُنَشَّؤُا) ، وقرأ عاصم وأهل الحجاز : (يَنشَأُ). قال : معناه أن المشركين قالوا : الملائكة بَنَات الله ، تعالى الله عما افتروا ، فقال الله جلّ وعزّ : أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَنَات ، وأحدكم إذا وُلد له بنتٌ يَسودُّ وجهه!. قال : وكأنه قال : أوَمَنْ لا يُنشَّأ إلا في الحِلية ، ولا بَيَان له عند الخِصَام ـ يعني البنات ـ تجعلونَهُنّ لِلَّهِ وتستأثرون بالبنين!
قال الزّجاج في قوله تعالى : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) [الرحمن : ٢٤] وقرئ (الْمُنشِئَات) ، قال : ومعنى الْمُنْشَآتُ : السفُن المرفوعات الشُّرُع ، قال : والمنشِئَات : الرّافعات الشرع.
وقال الفرّاء : مَن قرأ (المنشِآت) فهن اللّائي يُقْبِلن ويُدْبِرْن ، و (الْمُنْشَآتُ) أُقْبِلَ بهنَّ وأُدْبِر.
وقال الشماخ :
عَلَيْهَا الدُّجَى المستنشَآت كأنها |
هَوادجُ مشدودٌ عليها الجزاجزُ |
يعني الزُّبَى المرفوعات. وقال الله جلّ وعزّ : (إِنَ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) [المزمل : ٦].
أخبرني المنذريّ ، عن الحربيّ ، عن الأثْرم ، عن أبي عُبَيدة ، قال : ناشئة الليل : ساعاته ، وهي آناءُ الليل ، ناشئةً بعد ناشئة.
وقال الزَّجّاجُّ : ناشئة الليل ساعات الليل كلّها ، ما نشأ مِنْهُ ، أي ما حَدَث ، فهو ناشئة.
وأخبرني المنذريّ عن إبراهيم الحربيّ ، أنه قال : كان أنس والحسَن وعليّ بن