أية إشارة إليها).
من كلّ ما قلناه اتّضح أنّ الآية الحاضرة لم تنسخ قط ، لأنّ النسخ إنّما يكون في الأحكام التي تردّ مطلقة من أوّل الأمر لا التي تذكر مؤقتة ومحدودة كذلك ، والحكم المذكور في الآية الحاضرة (أي الحبس الأبدي) من القسم الثّاني ، أي أنّه حكم مؤقت محدود ، وما نجده في بعض الرّوايات من التصريح بأنّ الآية الحاضرة قد نسخت بالأحكام التي وردت في عقوبة مرتكبي الفاحشة ، فالمراد منه ليس هو النسخ المصطلح ، لأنّ النسخ في لسان الروايات والأخبار يطلق على كل تقييد وتخصيص (فلا حظ ذلك بدقّة وعناية).
ثمّ لا بدّ من الالتفات إلى ناحية مهمّة ، وهي أن الحكم بحبس هذا النوع من النساء في «البيوت» من صالحهن من بعض الجهات ، لأنّه أفضل ـ بكثير ـ من سجنهن في السجون العامّة المتعارفة ، هذا مضافا إلى أن التجربة قد دلّت أن للسجون والمتعقلات العامّة أثرا سيئا وعميقا في إفساد المجتمع ، إذ أنّ هذه المراكز تتحول ـ شيئا فشيئا ـ إلى معاهد كبرى لتعليم شتى ألوان الجريمة والفساد بسبب أن المجرمين سيتبادلون فيها ـ من خلال المعاشرة واللقاء وفي سعة من الوقت وفراغ من الشغل ـ تجاربهم في الجريمة.
ثمّ أنّ الله سبحانه يذكر بعد ذلك حكم الزنا عن إحصان إذ يقول : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) ويقصد أنّ الرجل غير المحصن أو المرأة غير المحصنة إن أتيا بفاحشة الزنا فجزاؤهما أن يؤذيا».
والآية وإن كانت لا تذكر قيد «عدم الإحصان» ، صراحة ، إلّا أنّها حيث جاءت بعد ذكر حكم المحصنة وذكر عقوبتها التي تختلف عن هذه العقوبة التي هي أخف من العقوبة المذكورة في الآية السابقة ، أستفيد منها إنها واردة في حق الزنا عن غير إحصان، وإنها بالتالي عقوبة الزاني غير المحصن والزانية غير