الجاهلية المقيتة فتقول : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) أي لا تنكحوا زوجة أبيكم.
ولكن حيث أنّ القانون لا يشمل ما سبق من الحالات الواقعة قبل نزول القانون عقب سبحانه على ذلك النّهي بقوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ).
ثمّ أنّه سبحانه لتأكيد هذا النهي يستخدم ثلاث عبارات شديدة حول هذا النوع من الزواج والنكاح إذ يقول أوّلا : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) ثمّ يضيف قائلا : (وَمَقْتاً) أي عملا منفرا لا تقبله العقول ، ولا تستسيغه الطباع البشرية السليمة ، بل تمقته وتكرهه ، ثمّ يختم ذلك بقوله : (وَساءَ سَبِيلاً) أي أنّها عادة خبيثة وسلوك شائن.
حتى أنّنا لنقرأ في التاريخ أنّ الناس في الجاهلية كانوا يكرهون هذا النوع من النكاح ويصفونه بالمقت ، ويسمّون ما ينتج منه من ولد بالمقيت ، أي الأولاد المبغوضين.
ومن الواضح أنّ هذا الحكم إنّما هو لمصالح مختلفة وحكم متنوعة في المقام ، فإن الزواج بامرأة الأب هو من ناحية يشبه الزواج بالأمّ ، لأن امرأة الأب في حكم الأمّ الثانية ، ومن ناحية أخرى اعتداء على حريم الأب وهتك له ، وتجاهل لاحترامه.
مضافا إلى أنّ هذا العمل يزرع عند أبناء الأب الميت بذور النفاق بسبب النزاع على نكاح زوجته ، وبسبب الاختلاف الواقع بينهم في هذا الأمر (أي في من يتزوج بها).
بل إنّ هذا النوع من النكاح يوجب الاختلاف والتنافس البغيض بين الأب والولد،لأنّ هناك تنافسا وحسدا بين الزوجة الأولى والزوجة الثّانية غالبا ، فإذا تحقق هذا النكاح (أي نكاح زوجة الأب من جانب الولد) في حياة الوالد (أي بعد طلاقها من الأب طبعا) كان السبب في الحسد واضحا ، لأنّ امرأة الأب