الآية نزلت في سبايا غزوة أوطاس (١) وأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سمح للمسلمين بأن يتزوجوا بهن بعد التأكد من كونهنّ غير حبالى أو يعاملن كما تعامل الأمة ، وهو يؤيد الصورة الثالثة التي أشرنا إليها في ما سبق.
ثمّ أن الله سبحانه أكّد هذه الأحكام الواردة في شأن المحارم من النساء ومن شابههنّ حيث قال : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) وعلى هذا لا يمكن تغيير هذه الأحكام أو العدول عنها أبدا.
ثمّ إنّه يشير سبحانه إلى حلّية الزواج بغير هذه الطوائف من المذكورات في هذه الآية والآيات السابقة إذ يقول : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) أي أنّه يجوز لكم أن تتزوجوا بغير هذه الطوائف من النساء شريطة أن يتمّ ذلك وفق القوانين الإسلامية وأن يرافق مبادئ الفقه والطهر ويبتعد عن جادة الفجور والفسق.
وعلى هذا يكون معنى «محصنين» في الآية والذي هو إشارة إلى حال الرجال هو «عفيفين» ، وعبارة «غير مسافحين» تأكيد لهذا الوصف ، لأن السفاح (الذي هو وزن كتاب) يعني الزنا وأصله من السفح وهو صب الماء أو الأعمال العابثة والأفعال الطائشة وحيث أنّ القرآن يستخدم ـ في مثل هذه الموارد ـ الكنايات يكون المراد من السفاح الزنا واللقاء الجنسي الغير المشروع.
وجملة (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) إشارة إلى أنّ العلاقة الزوجية إمّا يجب أن تتمّ من خلال الزواج مع دفع صداق ومهر ، أو من خلال تملك أمة في لقاء دفع قيمتها (٢).
كما أن عبارة «غير مسافحين» في الآية الحاضرة لعلها إشارة إلى حقيقة أنّ
__________________
(١) أوطاس منطقة وقعت فيها إحدى المعارك الإسلامية وهو واد في ديار بني هوازن.
(٢) لقد بحثنا بالتفصيل عن برنامج الإسلام حول تحرير العبيد وما هناك من تخطيط دقيق في النظام الإسلامي في هذا المجال عند تفسير الآيات المناسبة في سورة «محمّد» صلىاللهعليهوآلهوسلم.