ثانيا : إنّ هذه اللفظة إذا لم تكن بالمعنى المذكور يجب أن تفسّر حتما بمعناها اللغوي وهو «الانتفاع» فيكون معنى هذا المقطع من الآية هكذا : «إذا انتفعتم بالنساء الدائمات فادفعوا إليهنّ أجورهنّ» في حين أننا نعلم إن دفع الصداق والمهر غير مقيد ولا مشروط بالانتفاع بالزوجات الدائمات بل يجب دفع تمام المهر ـ بناء على ما هو المشهور (١) بين الفقهاء ـ أو نصفه على الأقل إلى المرأة بمجرد العقد للزواج الدائم عليها.
ثالثا : إنّ كبار «الصحابة» و «التابعين» (٢) مثل ابن عباس العالم (المفسّر الإسلامي الكبير) وأبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعمران بن الحصين،وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة والسدي ، وجماعة كبيرة من مفسّري أهل السنة،وجميع مفسّري أهل البيت ، فهموا من الآية الحاضرة حكم الزواج المؤقت إلى درجة أن الفخر الرازي ـ رغم ما عهد عنه من التشكيك الكثير في القضايا المرتبطة بالشيعة وعقائدهم قال بعد بحث مفصل : والذي يجب أن يعتمد عليه في هذا الباب أن نقول أنّها منسوخة وعلى هذا التقدير فلو كانت هذه الآية دالة على أنها مشروعة لم يكن ذلك قادحا في غرضنا، وهذا هو الجواب أيضا عن تمسكهم بقراءة أبي وابن عباس فإن تلك القراءة بتقدير ثبوتها لا تدل إلّا على أن المتعة كانت مشروعة ، ونحن لا ننازع فيه ، إنّما الذي نقوله أن النسخ طرأ عليه (٣).
رابعا : اتفق أئمّة أهل البيت عليهمالسلام وهم أعلم الناس بأسرار الوحي ، على تفسير الآية المذكورة بهذا المعنى (أي بالزواج المؤقت) وقد وردت في هذا الصعيد روايات كثيرة منها.
__________________
(١) المشهور أو الأشهر وجوب تمام المهر بمجرد عقد الزواج الدائم وإن كان الطلاق قبل الدخول يوجب إعادة نصفه إلى الزوج.
(٢) التابعون هم الذين جاؤوا بعد الصحابة ولم يدركوا عهد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) التّفسير الكبير ، ج ١٠ ، ص ٥٣.