غالبا ما يستفيد من يده اليمنى للقيام بأعماله ، كما أنّ الميثاق يشبه نوعا من العقد (في مقابل الحل).
والآن لننظر من هم الذين عقد معهم الميثاق ، الذين لا بدّ أن يعطوا نصيبهم من الإرث؟
يحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد هو الزوج والزوجة لأنّهما عقدا في ما بينهما رابطة الزوجية.
ولكن هذا الاحتمال يبدو مستبعدا ، لأنّ التعبير عن الزواج بعقد اليمين ونظيره في القرآن الكريم قليل جدا ، هذا مضافا إلى أنّه يعد تكرارا للمواضيع السابقة.
إنّ ما هو أقرب إلى مفهوم الآية هو عقد «ضمان الجريرة» الذي كان رائجا قبل الإسلام ، وقد عدله الإسلام بعد أن أقرّه لما فيه من ناحية إيجابية وهو : «أن يتعاقد شخصان فيما بينهما على أن يتعاونا فيما بينهما بشكل أخوي أن يعين أحدهما الآخر عند المشكلات ، وإذا مات أحدهما قبل الآخر ورثه الباقي» ولقد أقر الإسلام هذا النوع من التعاقد الأخوي الودي ، ولكنّه أكد على أنّ التوارث بسبب هذا الميثاق إنّما يمكن إذا لم يكن هناك ورثة من طبقات الأقرباء ، يعني إذا لم يبق أحد من الأقرباء ورث ضامن الجريرة الذي وقع بينه وبين الآخر مثل هذا العقد (لمعرفة التفاصيل أكثر راجع بحث الإرث في الكتب الفقهية) (١).
ثمّ ختم سبحانه الآية بقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) أي إذا قصرتم في إعطاء نصيب الورثة ولم تعطوهم حقوقهم كاملة ، علم الله بذلك ولم يخف عليه ما فعلتم ، لأنّه على كل شيء شهيد وبكل شيء عليم.
* * *
__________________
(١) صورة عقد ضمان الجريرة هكذا «عاقدتك على أن تنصرني وأنصرك وتعقل عني وأعقل عنك وترثني وأرثك» فيقول الآخر : «قبلت».