أيضا إلى هذه الحقيقة ، لأنّ القسم الأوّل من هذه الفقرة يقول : إن هذه القوامة إنّما هو لأجل التفاوت الذي أوجده الله بين أفراد البشر من ناحية الخلق لمصلحة تقتضيها حياة النوع البشري ، بينما يقول في القسم الثاني منها : وأيضا لأجل أن الرجال كلفوا بالقيام بتعهدات مالية تجاه الزوجات والأولاد في مجال الإنفاق والبذل.
ولكن غير خفي أن إناطة مثل هذه الوظيفة والمكانة إلى الرجل لا تدل على أفضلية شخصية الرّجل من الناحية البشرية ، ولا يبرر تميزه في العالم الآخر (أي يوم القيامة) لأنّ التميز والأفضلية في عالم الآخرة يدور مدار التقوى فقط ، كما أنّ شخصية المعاونة الإنسانية قد تترجح في بعض الجهات المختلفة على شخصية الرئيس ، ولكن الرئيس يتفوق على معاونه في الإرادة التي أنيطت إليه ، فيكون أليق من المعاون في هذا المجال.
ثمّ إنّه سبحانه يضيف قائلا : (فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) ، وهذا يعني أن النساء بالنسبة إلى الوظائف المناطة إليهنّ في مجال العائلة على صنفين :
الطّائفة الأولى : وهنّ «الصالحات» أي غير المنحرفات «القانتات» أي الخاضعات تجاه الوظائف العائلية «الحافظات للغيب» اللاتي يحفظن حقوق الأزواج وشؤونهم لا في حضورهم فحسب ، بل يحفظنهم في غيبتهم ، يعني أنهنّ لا يرتكبن أية خيانة سواء في مجال المال ، أو في المجال الجنسي ، أو في مجال حفظ مكانة الزوج وشأنه الاجتماعي ، وأسرار العائلة في غيبته ، ويقمن بمسئولياتهنّ تجاه الحقوق التي فرضها الله عليهنّ والتي عبّر عنها في الآية بقوله : (بِما حَفِظَ اللهُ) خير قيام.
ومن الطبيعي أن يكون الرجال مكلفين باحترام أمثال هذه النسوة ، وحفظ حقوقهنّ،وعدم إضاعتها.