الاخرى ، من جملتها.
١ ـ إن البيئة العائلية بيئة عاطفية ، ولذلك فإن المقياس الذي يجب أن يتبع في هذه البيئة ، يختلف عن المقاييس المتبعة في البيئات الاخرى ، يعني كما أنّه لا يمكن العمل في «المحاكم الجنائية» بمقياس المحبّة والعاطفة ، فإنّه لا يمكن ـ في البيئة العائلية ـ العمل بمقياس القوانين الجافة. الضوابط الصارمة الخالية عن روح العاطفة ، فهنا يجب حل الخلافات العائلية بالطرق العاطفية حدّ الإمكان ، ولهذا يأمر القرآن الكريم أن يكون الحكمان في هذه المحكمة ممن تربطهم بالزوجين رابطة النسب والقرابة ليمكنهما تحريك المشاعر والعواطف باتجاه الإصلاح بين الزوجين ، ومن الطبيعي أن تكون هذه الميزة هي ميزة هذا النوع من المحاكم خاصّة دون بقية المحاكم الاخرى.
٢ ـ إنّ المدعي والمدعى عليه في المحاكم العادية القضائية مضطرين ـ تحت طائلة الدفاع عن النفس ـ أن يكشفا عن كل ما لديهما من الأسرار ، ومن المسلم أنّ الزوجين لو كشفا عن الأسرار الزوجية أمام الأجانب والغرباء لجرح كل منهما مشاعر الطرف الآخر،بحيث لو اضطر الزوجان أن يعودا ـ بحكم المحكمة ـ إلى البيت لما عادا إلى ما كانا عليه من الصفاء والمحبة السالفة ، بل لبقيا يعيشان بقية حياتهما كشخصين غريبين مجبرين على القيام بوظائف معينة ، ولقد دلّت التجربة وأثبتت أنّ الزوجين اللذين يضطران إلى التحاكم إلى مثل هذه المحاكم لحل ما بينهما من الخلاف لم يعودا ذينك الزوجين السابقين.
بينما لا تطرح أمثال هذه الأمور في محاكم الصلح العائلية للاستحياء من الحضور ، أو إذا اتفق أن طرحت هذه الأمور فإنّها تطرح في جو عائلي ، وأمام الأقرباء فإنّها لن تنطوي على ذلك الأثر السيء الذي أشرنا إليه.
٣ ـ إنّ الحكمين في المحاكم العادية المتعارفة لا يشعران عادة بالمسؤولية الكاملة في قضايا الخلاف والمنازعات ، ولا تهمهما كيفية انتهاء القضية المرفوعة