بل ووردت روايات تصرح بأن الحسد يضرّ بالحاسد قبل أن يضرّ بالمحسود ، بل ويؤدي إلى القتل والموت تدريجا.
٤ ـ إنّ الحسد يعدّ ـ من الناحية المعنوية ـ من علائم ضعف الشخصية وعقدة الحقارة ، ومن دلائل الجهل وقصر النظر وقلّة الإيمان ، لأنّ الحاسد ـ في الحقيقة ـ يرى نفسه أعجز وأقل من أن يبلغ ما بلغه المحسود من المكانة أو أعلى من ذلك ، ولهذا يسعى الحاسد إلى أن يرجع المحسود إلى الوراء ، هذا مضافا إلى أنّه بعمله يعترض على حكمة الله سبحانه واهب جميع النعم وجميع المواهب ، وعلى إعطائه سبحانه النعم إلى من تفضل بها عليه من الناس ، ولهذا جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليهالسلام «الحسد أصله من عمى القلب والجحود لفضل الله تعالى ، وهما جناحان للكفر ، وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد ، وهلك مهلكا لا ينجو منه أبدا» (١).
فهذا هو القرآن الكريم يصرّح بأنّ أوّل جريمة قتل ارتكبت في الأرض كان منشؤها الحسد (٢).
وجاء في نهج البلاغة عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب» (٣)
وذلك لأنّ الحاسد يزداد سوء ظنه بالله وبحكمته وعدالته شيئا فشيئا ، وهذا الأمر يؤدي به إلى الخروج عن جادة الإيمان.
إنّ آثار الحسد وأضراره المادية والمعنوية وتبعاته الفردية والاجتماعية كثيرة جدّا ، وما ذكرناه إنّما هو في الحقيقة جدول سريع عن بعض هذه الآثار والمضار.
* * *
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، ج ٢ ، ص ٣٢٧.
(٢) المائدة ، ٢٧.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ٨٦.