٣ ـ إذا كان المقصود من «أولي الأمر» هم الأئمّة المعصومون ، فلما ذا أشار سبحانه في ذيل الآية إلى مسألة التنازع والاختلاف بين المسلمين إذ قال : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) فإنّنا لا نشاهد هنا أي حديث عن «أولي الأمر» بل أشير إلى الله تعالى (كتاب الله ـ القرآن) والنّبي (السنة) كمرجع يجب أن يرجع إليه المسلمون عند الاختلاف والتنازع.
في الإجابة على هذا الإشكال يجب أن نقول :
أوّلا : إنّ هذا الإشكال لا يختص بالتّفسير الشّيعي لهذه الآية ، بل يردّ على بقية التفاسير أيضا ، إذا أمعنا النظر قليلا.
وثانيا : لا شك أنّ المراد من الاختلاف والتنازع في العبارة الحاضرة هو الاختلاف والتنازع في الأحكام،لا في المسائل المتعلقة بجزئيات الحكومة والقيادة الإسلامية ، لأنّه في هذه المسائل يجب إطاعة أولي الأمر(كما صرّح بذلك في الجملة الأولى من الآية المبحوثة هنا).
وعلى هذا فالمراد من الاختلاف هو الاختلاف في الأحكام والقوانين الكلية الإسلامية التي يعود أمر تشريعها إلى الله سبحانه ونبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّنا نعلم أنّ الإمام مجرّد منفذ للأحكام الإلهية وليس مشرعا ، ولا ناسخا لشيء من تلك الأحكام ، وإنّما عليه فقط أن يطبق الأحكام والأوامر الإلهية والسنة النّبوية في حياة الأمة ، ولهذا جاء في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام إنّهم قالوا : «إذا بلغكم عنّا ما يخالف كتاب الله وسنة نبيّه فاضربوه عرض الحائط ولا تقبلوه» أي يستحيل أن نقول ما يخالف كتاب الله وسنة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى هذا فإنّ أوّل مرجع يرجع إليه المسلمون لحل خلافاتهم في الأحكام الإسلامية هو الله سبحانه والنّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يوحى إليه ، وإذا ما بيّن الأئمّة المعصومون أحكاما ، فإنّ تلك الأحكام ليست سوى اقتباس من كتاب الله ، أو هي