الشرعية إن جلب حيّا ، وإن مات الحيوان قبل دركه فلحمه حلال وإن لم يذبح.
وأخيرا أشارت الآية الكريمة إلى شرطين آخرين من شروط تحليل مثل هذا النوع من الصيد.
أوّلهما : أن لا يأكل كلب الصيد من صيده شيئا ، حيث قالت الآية : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ...).
وعلى هذا الأساس فإن الكلاب لو أكلت من الصيد شيئا قبل إيصاله إلى صاحبها،وتركت قسما آخر منه ، فلا يحل لحم مثل هذا الصيد ويدخل ضمن حكم (ما أَكَلَ السَّبُعُ) الذي ورد في الآية السابقة ، ومثل هذا الكلب الذي يأكل الصيد لا يعتبر في الحقيقة كلبا مدربا ، كما لا يعتبر ما تركه من الصيد مصداقا لعبارة (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) لأنّه في هذه الحالة يكون (أي الكلب) قد صاد لنفسه (لكن بعض الفقهاء لم يروا في هذا الموضوع شرطا ، مستندين إلى روايات وردت في مصادر الحديث وذكرتها كتب الفقه بالتفصيل).
ومجمل القول هو أن كلاب الصيد يجب أن تدرب بحيث لا تأكل من الصيد الذي تمسكه.
والأمر الثّاني : هو ضرورة ذكر اسم الله على الصيد بعد أن يتركه الكلب ، حيث قالت الآية : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ ...).
ولكي تضمن الآية رعاية الأحكام الإلهية ـ هذه ـ كلها ، أكّدت في الختام قائلة:(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) داعية إلى الخوف من الله العزيز القدير ، ومن حسابه السريع (١).
* * *
__________________
(١) لقد شرحنا معنى جملة «سريع الحساب» في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا.