٤ ـ (خاشِعِينَ لِلَّهِ) أي أنّهم مسلمون لأمر الله وخاضعون لإرادته ، وهذا التسليم والخضوع هو السبب الحقيقي لإيمانهم ، وهو الذي فرّق بينهم وبين العصبيات الحمقاء ، وحرّرهم من التعنت والاستكبار تجاه منطق الحقّ.
٥ ـ (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي أنّهم ليسوا مثل بعض أحبار اليهود الذين يحرفون آيات الله حفاظا على مراكزهم وإبقاء على حاكميتهم على أقوامهم وجماعاتهم،وصولا إلى بعض المكاسب المادية.
والإشارة إلى «الثّمن القليل» في الآية للتلويح بما كان عليه أولئك الأحبار المحرفون للكلم من تفاهة الهمّة ، وضعف الطموح ، وقصر النظر ، وحقارة النفس.
هذا مضافا إلى أن كل أجر دون الأجر الإلهي حقير ، وكل مكسب يحصل عليه الإنسان عوضا عن آيات الله فهو مكسب تافه ورخيص.
وسيكون لهذه الطائفة من أهل الكتاب بسبب هذه الصفات الإنسانية العالية هذا الموقف الواضح الحي ، أجرهم عند ربّهم (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
والتعبير هنا بلفظة «ربّهم» إشارة إلى غاية لطفه سبحانه ومنتهى رحمته بهم ، كما أنه إشارة أيضا إلى أن الله هو الذي يهديهم في هذه المسيرة الخيرة ، وهو يتكفل بمساعدتهم ، ويعينهم في هذا الطريق.
(إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فلا يتأخر عن إعطاء الصالحين المؤمنين أجرهم ، كما لا يبطئ عن مجازاة المنحرفين والظالمين.
وهذه العبارة بشارة إلى الصالحين المؤمنين ، كما هي أيضا تحذير وتهديد للعصاة والمذنبين (١).
* * *
__________________
(١) للوقوف على تفصيل أكثر حول معنى هذه العبارة راجع ، الآية ٢٠٢ من سورة البقرة.