خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ).
وعلى هذا الأساس لا مبرر للتمييز العنصري ، واللغوي ، والمحلي ، والعشائري وما شابه ذلك ممّا يسبب في عالمنا الرّاهن آلافا من المشاكل في المجتمعات. ولا مجال لهذه الأمور وما يترتب عليها من الأمجاد الكاذبة والتفوق الموهوم في المجتمع الإسلامي ، لأنّ كافة البشر على اختلاف ألوانهم ، ولغاتهم ، وأقطارهم يرجعون إلى أب واحد وأمّ واحدة.
وتتّضح أهمية مكافحة هذا الأمر ـ أكثر فأكثر ـ إذا لاحظنا أنّ ذلك قد تمّ في زمن كان يعاني بقايا ورواسب نظام قبلي وعشائري ظالم ، ونعني عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا وقد ورد نظير هذا التعبير في موارد أخرى من القرآن الكريم أيضا ، وسنشير إلى كل ذلك في موضعه.
والآن يجب أن نرى من هو المقصود من «نفس واحدة»؟
هل المراد من «نفس واحدة» هو شخص معين ، أو أنه واحد نوعي (أي جنس المذكر)؟
لا شك أنّ ظاهر هذا التعبير هو الشخص المعين ، والواحد الشخصي ، وهو إشارة إلى أوّل إنسان قد سمّاه القرآن الكريم بـ «آدم» ويعتبره أبا البشر.
كما وقد عبر عن البشر ببني آدم في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
فاحتمال أن يكون المراد من نفس واحدة هو الواحد النوعي بعيد عن ظاهر الآية جدّا.
ثمّ أنّ قوله تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) قد فهم منها بعض المفسرين أن «حواء» قد خلقت من جسم آدم واستشهدوا لذلك بروايات وأحاديث غير معتبرة تقول : إنّ حواء خلقت من أضلاع آدم (وهو أمر قد صرّح به في سفر التكوين من التوراة أيضا).