ولا بدّ من التنبيه إلى أن «الواو» هنا أتت بمعنى «أو» ، فليس معنى هذه الجملة هو أنّه يجوز لكم أن تتزوجوا باثنتين وثلاث وأربع ليكون المجموع تسع زوجات ، لأن المراد لو كان هذا لوجب أن يذكر ذلك بصراحة فيقول : وانكحوا تسعا لا أن يذكره بهذه الصورة المتقطعة المبهمة.
هذا مضافا إلى أنّ حرمة الزّواج بأكثر من أربع نسوة من ضروريات الفقه الإسلامي،وأحكامه القطعية المسلمة.
وعلى كلّ حال فإنّ الآية الحاضرة دليل صريح على جواز تعدد الزوجات. طبعا بشروطها التي سنذكرها قريبا.
ثمّ أنّه سبحانه عقب على ذلك بقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) أي التزوج بأكثر من زوجة إنّما يجوز إذا أمكن مراعاة العدالة الكاملة بينهنّ ، أمّا إذا خفتم أن لا تعدلوا بينهن ، فاكتفوا بالزوجة الواحدة لكي لا تجوروا على أحد.
ثمّ يقول : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي يجوز أن تقتصروا على الإماء اللاتي تملكونهنّ بدل الزوجة الثانية لأنهنّ أخف شروطا (وإن كن يجب أن يحظين ويتمتعن بما لهنّ من الحقوق أيضا).
ويقول : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي أن هذا العمل (وهو الاقتصار على زوجة واحدة أو الاقتصار على الإماء وعدم التزوج بزوجة حرّة ثانية) أحرى بأن يمنع من الظلم والجور ، ويحفظكم من العدوان على الآخرين (وسيكون لنا حديث مفصل عن الرّق في الإسلام عند تفسير الآيات المناسبة إن شاء الله).
ما هو المقصود من العدل بين الزوجات؟ :
قبل الخوض في بيان فلسفة تعدد الأزواج في الشريعة الإسلامية يجب أن يتّضح أوّلا المراد من العدل بين الأزواج الذي هو من شروط جواز التعدد ، فما هو المقصود من العدل هنا يا ترى؟