وربما كان تعبير القرآن ب (عسى ) هنا أو ب (لعلّ ) في موضع آخر ، للدلالة على عدم الركون الى مظاهر الأمور ، والسكون عند حد معين من العمل ، أو من تحقيق شروط الهداية بل يجب العمل بجد ومثابرة والخشية من الّا يكون مقدار العمل كافيا لتحقيق الهدف المنشود كما الإنسان الذي يخشى موت ابنه من المرض. كيف يوفر كل الوسائل ، ولكنه يظل يبحث عن المزيد من وسائل العلاج خشية الا يكون ما هيأه كافيا.
والعمل الصالح يزيد الهدى والعكس صحيح ، إذ ان الظلم يحجب العقل ، ويمنع البشر من الهداية كما يأتي في الآية القادمة.
[١٩] الأعمال الظاهرية ليست كالأعمال الجذرية .. فليست سقاية الحاج وتعمير المسجد الحرام كالايمان بالله واليوم الآخر ، والجهاد في سبيل الله لأن الكافر والمنافق والفاجر قد يقوم بمثل هذه الأعمال الظاهرية التي قد يتستر وراءها للقيام بالأعمال الشاذة.
(أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)
و قد جاء في الحديث : قيل : ان عليا قال للعباس «يا عمّ ألا تهاجر. ألا تلحق برسول الله؟!» فقال : أ لست في أعظم من الهجرة. اعمّر المسجد الحرام ، واسقي حاج بيت الله فنزل : «أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» (١)
(وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ)
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ج ٢ / ١٩٤.