نتمسك بمقياس دقيق لكي نمنع عن أنفسنا مرض الخداع الذاتي ، ذلك المقياس هو الجهاد ففي اللحظة التي تشعر انك تسترخي وتترك مقاومة الانحراف فقد استسلمت وخارت أرادتك ، ويمكن ان تنتهي واقعيا ودون ان تشعر بذلك لأن الهداية تتأثر بعمل الإنسان وتصميمه ومشيئته ، فالظالم لا يهتدي ، لذلك أكدّ القرآن في نهاية الآية :
(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
فالظالمون قد تورطوا في الضلالة وهم يحسبون انهم مهتدون ، والله يدعهم لأنفسهم ويتركهم لشأنهم.
[٢٠] في المقياس الاسلامي يعطى الجهاد الأولوية ، ثم تترتب سائر الأعمال الخيرية مثل : عمارة المساجد ، وبناء المدن ، لان أهم شيء عند الإنسان هو تحرره عن التسلط السياسي والاستغلال الاقتصادي ، وبناء المؤسسة الاجتماعية الصالحة ، وبعدئذ يأتي دور الاعمار.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ)
من أجل إقامة حكومة الله في الأرض. حكومة الحرية والعدالة والاستقلال. هؤلاء
(أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ)
من سائر من يقومون بالخدمات الاجتماعية ، أعظم من الباحثين في المختبرات ، والاساتذة في الجامعات والعمال في المصانع والفلاحين في الحقول ، والوعّاظ في المساجد لان النظام السياسي والاقتصادي الفاسد يذهب بخيرات كل أولئك ، وربما يستغل كل تلك المكاسب من أجل تدعيم سلطة الطاغوت ، وتكريس ظلمه وفساده