الخلوص الرسالي الذي بلغه المسلمون ذلك اليوم حتى حققوا الانتصار الكبير.
و قد عبّر الامام أبو جعفر (عليه السلام ) ، عن هذا الخلوص الرسالي ، بقوله :
«(لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ) فلا تكونوا مؤمنين فان كلّ سبب ونسب وقرابة ووليجة بدعة وشبهة منقطع إلّا ما أثبته القرآن» (١)
ان كلّ ولاء يجب أن يكون في إطار قيم الإسلام ، وإلّا فان الانتماء الاسلامي يكون ضعيفا أو مرفوضا.
(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
[٢٤] ليس الولاء الاسري فقط حاجزا دون الولاء الرسالي ، بل كل صلة تقف حاجزا أمام العلاقة الاسلامية يجب فكها وجعلها صلة ثانوية.
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)
أي من الولاء الخالص لله وللقيادة الرسالية المتمثلة بالرسول في عهده ، وبخلفائه من بعده ، وهذا الولاء يتجسد عمليا في الجهاد وهو بذل كلّما يستطيعه المرء في سبيل تحقيق أهداف الرسالة ، لذلك خصصه القرآن بالذكر قائلا :
(وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا)
وانتظروا فان هذا المجتمع الراكع للضغوط ليس أبدا مجتمعا رساليا ، بل ولا
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ج ٢ / ١٩٢