مجتمع مسلم حقا ، ولذلك لا بدّ من انتظار الكارثة.
(حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)
وقد تكون الكارثة المتمثلة في الخلافات الداخلية التي تنتهي الى الصراعات الجانبية المنطلقة من المحوريات الذاتية التي تمنع تكون المجتمع الموحّد ، ومن الحزبيات الضيقة التي تفتت الوحدة السياسية الرصينة ، ومن الوطنيات الزائفة التي تحطم كيان الامة ، الواحدة ، ذات القيادة الرسالية.
وكلما ضعفت الامة كلما خسرت معاركها الحضارية مع التخلف أو مع الأمم المنافسة كما نرى اليوم في الامة الاسلامية التي بالرغم من عدد ابنائها البالغ الالف مليون ، فان المحوريات الذاتية تمنع من تكون الوحدة التنظيمية الرسالية ، وبالتالي من تكون الوحدات السياسية الفعّالة ، فعندنا ليس هناك شيء يسمى بالحزب حقيقة إلا قليلا ، بل كلما عندنا ولاءات هشة غير متفاعلة مع الرسالة بقدر تفاعلها مع المصالح والأهواء والقرابة ، لذلك تجد العسكر وهو الأفضل تماسكا في عالمنا الثالث هو المسيطر أبدا لأنه لا يجد امامه كيان سياسي متماسك.
وإذا وجد التماسك الحزبي ـ وهو قليل ـ فانه لا ينتهي الى التماسك الاجتماعي. إذ سرعان ما يتصل هذا الحزب بالغرب وذاك بالشرق ، وبدل ان يتفقا تراهما يتصارعان لمصلحة احدى الجهتين ، وضد المصلحة الاجتماعية المشتركة. المجتمع المسلم لم يعد الإطار الموحد لفاعلية احزابنا حتى يوحد جهودهما ، وما نراه في لبنان أو في شمال العراق أو في غرب إيران ، وما أشبه دليل على ان انتماء الأحزاب الى مجتمعهم أقل فان الوطنيات الزائفة تفتت الوحدة الاسلامية والوحدة القومية ، فاذا بك تجد على كلّ قطعة أرض راية ونظاما يتحاربون بالرغم من وحدة مصالحهم في الإطار الاسلامي الموحد.