مثلا في يوم بدر ، حيث كان المسلم يقتل أباه وابنه لان التجمع الرسالي كان أمتن من الولاءات الاسرية أو الذاتية ، و جاء في الحديث : «ان المواطن الكثيرة كانت ثمانين معركة انتصر فيها المسلمون في عهد الرسول (ص )
» (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً)
لان الكثرة غير المتماسكة لا تغني شيئا. إذ كل فرد يفقد إرادته وعزيمته وخلوصه ، اعتمادا على الكثرة ، وكلّ فرد أو فئة أو حزب أو طائفة أو عشيرة تفكر في مصالحها. تفكر في أن تكون التضحيات من غيرها وتكون المكاسب لها.
وهكذا كانت الكثرة العددية للمسلمين اليوم غير نافعة لأنها كثرة كمية فقط ، وفاقدة للوحدة الحقيقية ، وهكذا تجد الأرض المقدسة في فلسطين بيد الأعداء برغم اهتمام الجميع بتحريرها.
(وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ)
فبالرغم من الكثرة العددية تجد الجميع مغلولين مكبلين لان فاعلية كل جهة موجهة ضد فاعلية الجهة الثانية ، وكأنهم مجموعة سيارات متشابكة في المرور ، كل واحدة منها تمنع غيرها من التحرك ، ولو توحدت لوجد الجميع متسعا من الأرض.
(ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)
وانهزموا بفعل اختلافهم امام عدوهم الأكثر تماسكا منهم ، كما انهزم المسلمون اليوم امام الصهاينة. وهكذا تخسر الامة المفتتة معاركها الحضارية مع اعدائها.
[٢٦] ولكن بقيت مجموعة متماسكة ذات قيادة رسالية ، بقيت صامدة في اطار هذه الكثرة المنهزمة فأنزل الله سكينته عليهم.