في عصره.
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)
لقد أمرهم الله في كتابه بتوحيده في العبادة والتشريع ، وان يعتبروه وحده مصدر النور والتشريع ، وان يتصلوا به مباشرة ، وان أخذ التعاليم من الأحبار والرهبان حتى ولو كانت متناقضة مع الهام الفطرة والعقل والنصوص الصريحة من الدين يعتبر شركا مهلكا يبعد الناس عن حقيقة الدين وجوهره شيئا فشيئا ، ويجعل الدين دين البشر أي الأحبار والرهبان الخاضعين للجهل والجهالة ، وضغوط الظروف. بينما الاتصال المباشر بمصادر الوحي يمنع هذه المشكلة إذ يصبح المؤمنون جميعا شاهدين على الرسالة أوصياء عليها. وأعين لنصوصها ومنتفعين من عقولهم وفطرتهم في فهم تلك النصوص.
(سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
الله منزه عما يشرك الناس به ، فوحيه ورسالته وشرائعه لا تخضع للظروف أو للأهواء بل هي كاشفة لحقائق الحياة ، متناسبة مع السنن التي لا تتغير ، ولذلك يجب على الناس الاستلهام مباشرة منها دون الاستسلام للأوصياء عليها من الأحبار والرهبان باسم الدين وترك حبل الرسالة على غارب رجال معينين.
و قد جاء في الأحاديث المأثورة عن عدي بن حاتم ، انه قال : أتيت رسول الله وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي : «يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك» ، قال : فطرحته ثم انتهيت اليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) حتى فرغ منها فقلت له : إنّا لسنا نعبدهم فقال : «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرّم الله فتستحلونه» قال فقلت : بلى. قال : «فتلك عبادتهم».