فان ذلك يعني تجاوز كلّ القيم والمقدسات دون تغييرها ، ومع الاعتراف بان الحرب فيها خطأ يرتكبونه ، ولكن لماذا كان الجاهليون يغيرون الأشهر الحرم للقيام بالاعتداء على بعضهم؟
لأنهم كانوا يحاولون التخلص من وخز الضمير ، ولومة المؤمنين بالشرائع. تماما كما يفعل الطغاة اليوم حيث يلبسون جرائمهم ثوب الشرعية فيلاحقون المطالبين بحرياتهم وحقوقهم تحت شعار المحافظة على الأمن ، وربما باسم الدين أيضا ، أو يضعون قوانين ثم يحاكمون الناس على أساسها في الوقت الذي لا يملكون حق إصدار القوانين بل هذا بذاته أكبر الجرائم بحق الشعب.
وهكذا يصبح التبرير الذي يتذرع به المجرمون دافعا لهم نحو المزيد من الجريمة ، والتخلص من روادع الجريمة النفسية والاجتماعية باسم ذلك التبرير. ولذلك أكّد القرآن هنا : انّ النسيء ليس زيادة في الكفر فقط بل هو سبب للضلالة والانحراف أيضا :
(يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا)
انهم كانوا يحلون ذات الشهر (مثلا : شهر ذي الحجة ) في هذا العام بينما يحرمونه في العام الآخر حسب خططهم الحربية ، وهكذا كانوا يتلاعبون بالشرائع والقوانين.
(يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ)
أي ليجعلوا الأشهر الحرم أربعة كما قال الله. ولكن بعد تغيير محتواه حسب أهوائهم.
(فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ)