انما الأعمال بالنيات :
إذا كان مجمل سلوك الفرد سليما وحسنا فان اشتراكه المباشر في المعركة أو تخلفه عنها بسبب عذر شرعي لا ينافي ايمانه وتقواه.
(ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ)
اي ليس على من كان محسنا وأراد فعل الخير فلم يقدر على القيام بكل الواجب سبيل المؤاخذة والعقاب ، والكلمة مطلقة ونستوحي منها : ان كل من أراد الخير وتحرك نحوه فسواء أصاب أو اخطأ. سدد في عمله أو لم يسدد. بلغ هدفه أو لم يبلغ فانه مجزي عند الله تعالى وليس عليه عقاب.
ومن هنا جاء في الحديث عن انس : ان رسول الله (ص ) لما قفل عن غزوة تبوك فأشرف على المدينة قال : «لقد تركتم في المدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديا إلّا كانوا معكم» قالوا : يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم في المدينة؟ قال : «حبسهم العذر» (١).
وانما أكد القرآن على هذه الحقيقة : «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ»
لأنه من الممكن ان يتكبر المقاتلون على العاجزين والمرضى فيؤذونهم بألسنتهم ، أو يحاولون منع بعض حقوقهم بحجة انهم لم يساهموا في المعركة ، فأكد القرآن على ان هؤلاء محسنون لأنهم أرادوا المشاركة فلم يقدروا ، ولذلك لا سبيل عليهم ، ولا تفوق أو استعلاء.
وقد يستبد بالمؤمنين ذوي الاعذار وسواس الشيطان فيوقعون أنفسهم في الحرج
__________________
(١) المصدر ٣٦٨