الكاذبة ، المؤكّدة بالأيمان ليعوض عن عمله بقوله ، وعن تصرفاته المتغيرة بتبريراته الواحدة المؤكدة ، لذلك فان كثيرا من البسطاء ينخدعون بأقواله وتبريراته. انما المؤمن الصادق ينظر الى عمل المنافق لا الى قوله ، فيتخلص من خطر عظيم هو الانخداع بالمنافق ، ذلك الخطر الذي وقعت فيه ـ ومع الأسف ـ شعوبنا اليوم بالنسبة الى الطغاة ، والى جيش المنافقين من خدمهم وحشمهم الذين يبررون أبدا تصرفاتهم بشعارات عامة وأنيقة فاذا مال الطاغية الى الشرق ترى الصحفي المأجور يحمد باسم الشرق حتى يجعله كعبة الطموح ، وإذا اتجه الطاغية غربا تراه يقدس الغرب ويكيل التهم كيلا ضد الشرق كما فعل قديما خادم حاكم نيسابور حيث ينقل المؤرخون انه طلب من خادمه ان يطبخ له ال (باذنجان ) فأخذ الخادم يعدد لسيده فوائد ال (باذنجان ) ولكن ما لبث الحاكم ان غير رأيه ، فأخذ الخادم يبين مضاره وكأنه سم زعاف ، فنهره الحاكم وقال : كيف تقول هذا ، وقد عددت قبل لخطات فوائد الباذنجان حتى ظننت انه دواء لكل داء. فقال الخادم : فداك أمي وأبي إنك تعلم بانني خادم لحاكم نيسابور ولست خادما للباذنجان.
ولو تسلحت شعوبنا برؤية الإسلام وأخذت تقيم الأشخاص والحكومات بأعمالهم وتاريخ حياتهم وانتظرت حتى ترى انجازاتهم الحقيقية إذا لرفضت ان تدفع قرشا واحدا لشراء الصحف المنافقة التي تطبل لكل طاغية وتخدع الناس بترديد شعارات فارغة لا أول لها ولا آخر.
[٩٥] وهكذا تجد المنافقين يتقنون صناعة الكلام لأنهم لا يحسنون عملا ، وكلامهم أبدا مؤكد بالأيمان لأنهم لا يريدون تأكيد كلامهم بالأعمال الواقعية.
(سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ)