لنؤكد على حقيقتين :
الاولى : ان الشفاعة من عمل الإنسان وسعيه ، وليست من تمنياته وأحلامه.
الثانية : ان الهدف من الشفاعة تعميق الصلة بين الرسول (ص ) وقومه ، ونستوحي من الآية التالية كلتا الفكرتين : ولكن كيف؟
دعنا نتدّبر في الآية الكريمة :
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ)
توبة الله على النبي تعني المزيد من بركاته عليه ، ولكن بالنسبة الى المهاجرين والأنصار قد تعني أيضا غفران ذنوبهم ولكن بماذا وكيف غفرت ذنوبهم؟ بأنهم أتبعوا الرسول في ساعات الشدة ، ولأن ذلك كان عملا كبيرا والله سبحانه يغفر بسبب الحسنات الكبيرة الذنوب الصغيرة لذلك أكّدت الآية على هذه الحقيقة.
(الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ)
فالصبر في ساعة العسرة عمل عظيم يغفر الله تعالى بسببه سائر الأعمال الصغيرة ، ولكن أهم نقطة هي اتباع الرسول ، وعدم الخلاف معه ، وعدم الاسترسال مع حالة الزيغ ، الذي يصيب البشر في مثل هذه الحالات الصعبة.
(مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ)
وزيغ القلب هو انحرافه عن الايمان بالله والرسول ، وإذا اتبع المؤمن قيادته ولم يتشكك فيها بسبب الظروف الصعبة فان ذلك يشفع له ذنوبه ، لأن الرسول أو الولي الذي يمثل القيادة سوف يشفع له عند الله ، ويصلي له ويستغفر له ، وبهذا نعرف فلسفة الشفاعة فهي سبب لتمتين الارتباط بالرسول (ص ) أو بالقيادة السليمة.