بالسحر والقوى الغيبية الأخرى ، لأنهم وجدوا تناقضا حادا بينها وبين الأفكار الشائعة في وسطهم الثقافي ، كما أن فريقا من المستشرقين وأدعياء علم التاريخ يحالون ربط بينات القرآن بما كان عند الأحبار والرهبان من أفكار.
بيد أننا نرى تناقضا واضحا بين هدى وبينات وبصائر القرآن ، وبين الثقافة المسيحية الخليطة بالوثنية المانوية ، أو النيو أفلاطونية التي كانت شائعة آنئذ في عالم اليهود والنصارى.
من هنا كان واضحا أن ما جاء على لسان الرسول كان وحيا خارقا للعادات والقوانين السائدة ، طاهرا نقيا عن مؤثّرات الوسط الاجتماعي أو الثقافي للرسول ، ولذلك أكّد القرآن على هذه الحقيقة قائلا :
(فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ)
خلال ذلك العمر الذي بلغ الأربعين عاما تبلورت شخصية الرسول وأفكاره ، وكانت بمستوى الوحي الذي بدأ ينزل عليه متتاليا بنسق واحد وبأسلوب مختلف جدا.
ان المهندس يتعلم القراءة والكتابة ثم يعطى معلومات موجزة عن الرياضيات ، ومن ثم يتدرج في تعلم أوّليات الهندسة ، وكل يوم يزداد علمه حتى يتخرج من الكلية بصفته مهندسا ، لأنه قبلئذ كان يعلم كثيرا من المعلومات الهندسية ، ولكن إذا نام هذا الرجل واستيقظ مهندسا ، وكانت معلوماته كلها جديدة بالنسبة اليه ، أو ليس في ذلك دليل واضح على ان علمه كان غيبيا؟!
[١٧] والرسول كان يؤكد على هذه الحقيقة وهي أن نسبة فكرة أو رؤية الى الله جريمة نكراء ، وأن جزاءها العاجل هو عدم وصول صاحبها الى هدفه الذي رسمه