لقد منّ الله بمختلف النعم على البشر وسخّر للإنسان ما في السموات وما في الأرض ، وزوّده بقدرة الارادة ونور العقل وسلامة الجسد ، ولكن الناس ضيّقوا على أنفسهم وحدّدوا طاقاتهم بلا سبب ، فرسموا لبعضهم البعض الحدود الزائفة في الأرض ، قائلين هذه أرضك وهذه أرضي ، ثم وضعوا أنظمة للتجارة والصناعة ، ومن ثم صنعوا الأغلال الفكرية والأثقال الثقافية ووضعوها حول نفسيات البشر ، من خوف الطبيعة الى خشية الابتكار ، الى المحرّمات الكثيرة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، الى الرسوم والعادات الباطلة ، وكل ذلك منعهم من الانتفاع بنعم الله وكان بمثابة الكفر بتلك النعم.
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ)
وهل هذا شكر لفضل الله على الناس ، أن يحرموه على أنفسهم؟! من هنا ينبغي أن يسارع البشر الى وحي الله ، ويؤمن به ويتخذ منه تشريعاته دون أن يحيد عنه قيد شعرة ، لا زيادة ولا نقيصة ، حتى ينتفع بالنعم.
الرقابة الالهية :
[٦١] البشر محاط برقابة الله عليه ، فلا يكون في وضع ولا ينتمي الى فكرة ولا يعمل عملا الّا ويشهد الله عليه ، لأنه حاضر عنده وليس بغائب عنه ، إذا فعلى البشر أن يجعل أوضاعه وأفكاره وأعماله في أطار الوحي ، ووفق تشريعات الله ، ولا يسترسل في قراراته حسب اهوائه.
(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ)
أي في حال من الأحوال.
(وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ)