فالمعتدون تنغلق قلوبهم عن الاهتداء ، وهذه سنة من سنن الله سبحانه.
موسى وفرعون النموذج البارز :
[٧٥] وكمثل على هذه الحقيقة يستشهد به القرآن الحكيم ، ليعطينا رؤية واضحة تجاه ما يمكن أن يكرر يوميا في حياة الناس ، كمثل عليها قصة موسى وهارون (ع ) الذين بعثهما الله برسالاته الى فرعون الطاغوت وملأه ، أي كبار معاونيه المفسدين في الأرض ، ولكن بسبب ممارستهم الجريمة ، والظلم ، والاعتداء ، وبسبب انعكاس سلوكهم الفاسد على فكرهم ، استكبروا عن قبول الرسالة.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)
[٧٦] كيف استكبروا؟ وهل اعترفوا بالحقيقة وهي أن ظلمهم للناس ، هو سبب استكبارهم وضلالتهم؟ كلا .. بل برّروا رفضهم للرسالة بتبريرات باطلة ، مما يمكن أن يتكرر في كل عصر.
(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ)
إنهم رفضوا التسليم للحق الذي هو من عند الله خالقهم ، والذي كان واضحا لا ريب فيه ، ونسبوا الحق الى السحر ، والناس البسطاء لا يميزون بين السحر والرسالة ، إذ كلاهما خارق لعاداتهم ولا يعرف الناس مغزاهما ، لذلك تلبّس الأمر على الناس ، وهكذا أضلوا الناس ، وكذلك يمكن أن يتكرر الأمر مع الناس في كل عصر ، فالطاغوت وملأه حين يخالفون الحق لا يعترفون بالدوافع الحقيقة لمخالفتهم من استكبارهم ، وتمرسهم بالجريمة والظلم ، بل يتهمون الحق ببعض التهم التي تضلل الناس البسطاء وتفتنهم ، وتلبّس الحق بالباطل ، وتشبه الرسالة بالسحر ، والثورة