موسى أمر قومه بالتوكل على الله.
(وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)
وهكذا أمرهم موسى بأن يكونوا مثله في التوكل على الله.
[٨٥] (فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
انما قالوا هذه الكلمة الحاسمة بعد أمر موسى لهم ، وتذكيرهم بأنها شرط الايمان بالله ، وشرط التسليم لقضائه وقدره ، ولكنهم بالرغم من توكلهم على الله ، كانوا يتطلعون الى النجاة من مأساتهم.
ولم يكونوا يهدفوا تعذيب أنفسهم مثلما تفعله (السادية ) أو توحي به بعض المذاهب الصوفية ، لذلك تراهم يدعون الله لكي لا يجعلهم مادة لاختبار الظالمين وابتلائهم ، مما يدل على أن الله يقدّر لبعض المؤمنين الشهادة ولا يمنع عنهم ظلم الظالمين ، امتحانا لأولئك الظالمين ، بالرغم من أنه سبحانه ينصر عباده المؤمنين في عاقبة الأمر ، جاء في حديث مأثور عن الامام الصادق (ع ) ان معنى هذه الآية : «لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا» (١).
الرؤية في الصراع :
[٨٦] لذلك تضرّع المؤمنون من قوم موسى الى ربهم لكي ينجيهم قائلين :
(وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)
وهذه هي رؤية المؤمنين الى الصراع ، فليست عاقبة الصراع مجهولة ، ولا هي في
__________________
(١) راجع مجمع البيان ج ٣ / ص ٢٢٤