الدعوة على الكافرين :
[٨٨] وبعد الفصل الاجتماعي بين الفئة المؤمنة والأغلبية الكافرة ، حانت المرحلة الثانية حيث دعا موسى ربه بأن يسلب من فرعون وملأه المفسدين ما أعطاهم من الثروة والسلطة.
(وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
قيل بأن الزينة هي الحلي والثياب ، وقال البعض انها الجمال وصحة البدن ، وأعتقد أن الكلمة (الزينة ) شاملة أيضا لحسن الذكر والهيبة الاجتماعية ، مما يكون جانبا من السلطة ، إذ السلطة تعتمد على عامل مادي هو المال ، وعامل معنوي هو تسليم الناس لها ، واعتبار المشرفين عليها أفضل من غيرهم.
(رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ)
فالسلطة يجب أن تكون سببا لسعادة الناس ، وليس طريقا لضلالة الناس عن سبيل الله ، كما فعل فرعون وملأه فاستحقوا العذاب ، ويبدو لي أن لفظة (اللام ) في كلمة «لِيُضِلُّوا» لا تدل على العاقبة ، ولا على الهدف والغاية ، بل بمعنى الاستفهام ، اي هل كان المال والزينة بهدف ضلالة الناس أم بهدف هدايتهم واسعادهم؟! بالطبع الجواب أنه كان بهدف الهداية ، إذ ان فرعون وملأه كفروا بنعمة السلطة وينبغي أن يسلبها الله منهم.
(رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ)
أي اجعلها بحيث لا ينتفعون منها ، كما تطمس الديار بالرياح فتمحوا آثارها ، فمثلا مع انعدام الأرزاق ، وقلّة السلع ، وافتقاد الأمن في سبل التجارة لا