اليقين ، وهذه الآية توحي ببعض الحقائق التي نشير إليها فيما يلي :
ـ ألف : ان الخطابات القرآنية لا يجب أن تكون موجهة الى شخص الرسول ، لأن القرآن كتاب الله الى الناس جميعا ، وبذلك لا نحتاج الى التأويل كلما وجدنا خطابا في الآيات ، ولذلك قال الزجاج في هذه الآية كلاما نراه في كل الآيات المتشابهة تقريبا قال : «بأن هذه الآية قد كثر سؤال الناس عنها وخوضهم فيها ، وفي السورة ما يدل على بيانها ، فان الله سبحانه يخاطب النبي وذلك الخطاب شامل للخلق ، فالمعنى : «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ» والدليل على قوله في آخر السورة : «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (١) فأعلم الله سبحانه أن نبيه ليس في شك.
ويبقى أن نذكر أن عدم شك الرسول ومتانة يقينه انما جاء بسبب الوحي ، فلو لا الوحي ولولا روح القدس الذي كان يأتيه بالوحي ، أذا كان الرسول بشرا كسائر الخلق ، ولذلك ينبغي الّا نحاول فصل الرسول وعصمته ورفعة درجته عن القرآن وأثره فيه.
باء : ان الانتفاع بالعلم الحقيقي جزء من رسالة الدين ، ولا يقتصر هذا العلم بالفيزياء والكيمياء مما يتعلق بالعلوم التجريبية ، بل وأيضا التاريخ والاجتماع والتي تسمى بالعلوم الانسانية ، ولكن بشرط فصل الرواية عن الدراية ، وفصل المعلومات الحقيقية عن النظريات الاحتمالية.
جيم : ان الشك واليقين عملان من عمل البشر الذي يختارهما اختيارا ، ذلك
__________________
(١). ١٠٤ / يونس