بالقبة المنصورية ، ثم ولي القضاء عن ابن جماعة في شعبان سنة تسع وسبعين ، وأعطيت قبة الشافعي التي كانت بيده ، فتولاها لما انتقل والده إلى قضاء الشافعية ، للبلقيني ، والمنصورية للغوي ، فباشر سنة ونحو أربعة أشهر ، ثم عزله وأعيد ابن جماعة ، واستمرّ بطالا ليس بيده وظيفة أزيد من ثلاثين سنين ، ثم أعيد للقضاء في صفر سنة أربع وثمانين ، فباشر خمس سنين ونحو خمسة أشهر ، ثم عزل وتولى ابن جماعة ، ثم ولي خطابة الجامع الأموي وتدريس الغزالية ، ثم صرف في شهر رجب سنة إحدى وتسعين ، ثم ولي القضاء مرتين عن القاضي صدر الدين المناشري وعزل في المرتين به ، ومدة مباشرته في ولاياته الأربع ثماني سنين ونصف في مدة ثماني عشرة سنة ، وولي في آخر وقت تدريس الشافعي واستمر بيده إلى أن مات. قال الشيخ تقي الدين الأسدي : وكان لينا في مباشرته ، وفي لسانه رخاوة ، وكان ولده جلال الدين (١) غالبا على أمره فمقته الناس.
وقال الحافظ شهاب الدين بن حجر المصري : اشتغل في الفقه وغيره ، فمهر ، وكان لين الجانب قليل المهابة ، بخيلا بالوظائف ، حسن الخلق ، كثير الفكاهة ، منصفا في البحث ، وكان أعظم ما يعاب به تمكينه ولده جلال الدين من أموره ، توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة ، ودفن خارج باب النصر ، ثم وليها ولده جلال الدين ، ثم درس بها فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الجزري الدمشقي. قال الأسدي في تاريخه : أخذ عن والده القراآت ويسيرا من النحو ، ولم يكن يعرف شيئا غير ذلك ، وكان عنده إقدام وجرأة ، ويتكلم كلاما كثيرا لا حاصل له ، وسافر إلى مصر غير مرة ، وحصّل تدريس الأتابكية ونظرها يعني عن جلال الدين بن أبي البقاء ، وكان بيده جهات والده : نصف خطابة جامع التوبة ، ومشيخة الإقراء في عدة أماكن ، وكان يخطب حسنا ، ويقرأ في المحراب جيدا ، توفي بمنزله بالأتابكية يوم الاثنين ثالث عشرين صفر سنة أربع عشرة وثمانمائة وهو في عشر
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ٩٥.