الأربعين ـ أظنه ابن خمس وثلاثين سنة ـ ونزل عن وظائفه للشيخ شهاب الدين بن حجي ، وحصل في وظائفه خباط ، وذلك أن القاضي لما بلغه ضعفه وأنه مطعون ، عيّن الأتابكية لشهاب الدين بن حران وخطابة جامع التوبة لشيخنا شهاب الدين بن حجي ، ثم إنه نزل عن جميع وظائفه للشيخ شهاب الدين بن حجي ، فأمضى ذلك القاضي ، ثم أن الشيخ نزل عن خطابة جامع التوبة لابن الحسباني (١) ، لما بلغه وفاة ابن الجزري قصد الشيخ شهاب الدين ابن حجي فولاه نصف الخطابة لأنه الناظر الخاص ، وذلك قبل أن يعلم الشيخ بنزول ابن الجزري والتزم ذلك ، ولقد عجبت من شيخنا في ولايته له مع تصريحه بأن شرط الواقف غير موجود فيه لعدم حفظ القرآن ، ولا أعلم أنه وقعت من شيخنا قصة أنكرها كل من سمعها غير هذه ، والجواد لابد له من كبوة ، ثم أن ابن عبادة الصغير (٢) الذي هو شافعي جاء بنزول من ابن الجزري بتدريس الأتابكية ، فقال قاضي القضاة ابن الأخنائي : اسكت لا تتكلم بهذا حتى لا يسمع الشيخ يغتاظ ، فقال : لو وصلت يد ابن حجي إلى السماء لا أسكت عنه ، فأنكر هذا من بلغه وبالغ في سبّ ابن عبادة وسبّ أبيه الحنبلي ، وغلب على ظن كل واحد أن ما معه زور مفتعل لا حقيقة له مع عدم أهليته. وفي يوم الأربعاء رابع عشرين صفر سنة أربع عشرة المذكورة حضر شيخنا درس الأتابكية وحضر معه القضاة ولم أحضر هذا الدرس ، وبلغني أنه حصل لابن عبادة في هذا المجلس إهانة زائدة ، وهدّد بالكلام القبيح على ما نقل ، ولم يتكلم بكلمة واحدة ، وفي هذا اليوم توفي يونس ابن القاضي علاء الدين بن أبي البقاء ، وولي في وظائفه وحضر تدريس العزيزية والقيمرية الشيخ شهاب الدين بن حجي ، والمتصدر ابن قاضي القضاة نجم الدين بن حجي (٣) ، ثم نزل لابن عذري ، وأرسل الى القاضي ابن الأخنائي الشافعي أن يقرره فيه ، ومدرّس الصارمية شمس الدين الكفيري (٤) انتهى.
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ١٠٨.
(٢) شذرات الذهب ٧ : ٤٧.
(٣) شذرات الذهب ٧ : ١٩٣.
(٤) شذرات الذهب ٧ : ١٩٦.