الدين متهاونا بالصلاة ، يتكلم بكلام يدل على زندقته ، وشاع ذلك عنه ، وقد حكم القاضي نجم الدين بن حجي مرة بكفره كما أشرنا إليه ، والقاضي الحنفي أخرى ، وكان مستنقصا للخلق ، مستزريا بهم ، مصرا على أنواع من المعاصي ، وكان قد سافر إلى مصر فاتفق وصول الخبر بوفاة ابن المنلاوي ، فولي عنه مشيخة بخانقاه خاتون ونظرها ، وقدم دمشق وباشر ذلك مباشرة مذمومة وآذى الصوفية بها ، وفي العام الماضي عزل شخصا من الصوفية بها ، وسعى في أذاه إلى أن ضرب ، فانتصر له الشيخ علاء الدين البخاري (١) ، والحاجب ، ووقع بينهما وبين القاضي بهاء الدين بن حجي بسببه ، وكتب الشيخ إلى مصر في القاضي بهاء الدين فكان ذلك من أسباب عزله. ثم إن النائب بلغه سوء سيرة المذكور ، فهمّ بطلبه وأخذ شيء منه ، فخاف وأظهر أنه نزل عليه اللصوص في بيته بين النهرين ، وكان ساكنا هناك ليسهل عليه ما يرومه من أنواع المفسقات ، فأظهر أنه ذهب جميع ما يملكه ، ولم يكن لذلك حقيقة ، ونزل عن الخانقاه لولي الدين بن قاضي عجلون بمبلغ جيّد ، ثم ندم على ذلك ، واستمرّ منكدا مضللا إلى أن توجه بعد أشهر إلى مصر لتحصيل الشهادة عند القاضي الحنبلي فتوفي عاجلا ، وذهب جميع ما حصله من الحرام ، ولم يتزوج عمره ، وكان يزعم أنه يعيش العمر الطبيعي مائة وعشرين سنة ، وسرّ الناس بموته ، وكان قد علق فوائد بخطه من شرح البخاري للكرماني (٢) وتكلم فيه ، وذكر فيه فوائد ، وجمع مختصرا تكلم فيه على قول الناس : فلان معلول ، وذكر فيه فوائد ، وجمع بين المتوسطة والخادم في مجلدات. قال أبو الفضل الخطيب النويري : أنه اشترى من تركة قاضي القضاة بهاء الدين بن حجي منه مجلدات ، تكون أربعة ضخمة وأكثر ، وأنه يدل على فضل الرجل الفضل الزائد ، وجاء الخبر بوفاته في أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة في عشر السبعين ظنا.
وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة : في ذي القعدة سنة أربع وعشرين
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ٢٤١.
(٢) شذرات الذهب ٦ : ٢٩٤.