وثمانمائة قبيل الفتنة ، ثم باشر بعدها مدة طويلة لغير واحد من القضاة ، وحجّ في سنة أربع عشرة قاضي الركب ، وكان سيء المباشرة جدا يضرب به المثل ، وحصل أموالا وأملاكا على وجه مذموم ، وكان عنده معرفة ودهاء ، ودخول في الناس ، وتقدم بذلك على أضرابه ، ومن هو أولى منه ، توفي يوم الخميس ثامن المحرم بعد العصر بسكنه بالقرب من المدرسة الزنجارية قبلي باب توما ، وقتل مهددا من نوروز على وديعة كمال الدين الاستدار اتّهم بها وقيل غير ذلك. ودفن من الغد بمقبرة باب الصغير عند قبة الصياحة ، وصلي عليه بمسجد القصب ، ورؤيت له منامات سيئة والله تعالى يسامحه ، فإنه فتق في دين الله خرقا أعجز الراقع ، ومولده على ما أخبرني به صاحبه القاضي شمس الدين الكفيري قريبا من حوالي الستين ، وقيل بعد ذلك ، وختم على موجوده وطلب النائب من تركته مالا ، وكانت زوجته وهي بنت قاضي القضاة شمس الدين الأخنائي حاملا ، فولدت بعد موته بثمانية عشر يوما ولدا ذكرا فسموه باسمه ، وامتحقت تركته ووظائفه ، وهو أخو الشيخ بدر الدين محمد المار في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة انتهى. وقبة الصياحة هذه هي شمالي صفة الشهداء بنحو عشرين خطوة وشرقي القبة الريانة وتربة تاج الدين الفزاري وجماعة وابن خطيب داريا وجماعات من العلماء آخرهم شيخنا مفلح انتهى. وأعاد بها جماعة منهم الشيخ علاء الدين المقدسي معيد البادرائية ، وقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الحمصية ، ومنهم تاج الدين عبد الوهاب بن عبد الرحيم الشهير بالحبّاب المصري ، قدم دمشق وأعاد بالأسدية هذه والرواحية ، ثم توجه بعد الخمسين والسبعمائة إلى قضاء الشوبك ، فتوفي بها سنة ست وستين وسبعمائة ، فقدم ولده العالم المفتي الخير شهاب الدين أبو العباس احمد بن الحباب دمشق وجلس مع الشهود ، ثم صحب القاضي في أيام محنته ، فقربه وأحسن إليه ، ودخل بين الفقهاء وتنزل بالمدارس ، ولم يشتغل على شيخ وإنما كان يطالع ويشتغل وحده ، ثم صحب القونوي (١) وكان يرسل معه
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ٣٠٥.