يقبّل يده ، وكان يتعزز على الكامل (١) والأشرف والناس بالمعظم ، فلما مات المعظم ثارت الأحقاد فأخرجوه من بعلبك ، وجاء إلى دمشق ، وسرق له حياصة لها قيمة ودواة تساوي مائتي دينار ، فاتهم بها بعض مماليكه فظهر عليه ، فأخذه وحبسه في خزانة دار فروخشاه ، وكانت الخزانة خلف الأمجد ، وهدّد المملوك بقطع اليد والصلب ، فجلس الأمجد ليلة في شوال ومعه جماعة من عشرائه بين يدي الخزانة التي فيها المملوك ، وكان مع المملوك سكين صغيرة ، فعالج رزة باب الخزانة قليلا قليلا فقلعها ، وهجم وأخذ سيف الأمجد وجذبه وضربه ، فصاح لا والك يا مأبون وهو يضربه ، فحلّ كتفه ونزل السيف إلى بزه ، ثم ضربه ضربة أخرى فقطع يده ، وطعنه في خاصرته وانهزم ، فصعد إلى السطح وصعدوا خلفه ، فألقى نفسه إلى الدار فمات وقطعه الغلمان قطعا ، ودفن الأمجد بتربته التي على شرف الميدان الشمالي. وقال أبو المظفر والذهبي : إنه دفن بتربة أبيه. وقال ابن كثير : بتربته التي كانت تربة أبيه : وقال : ذكره ابن الساعي وأهمله أبو شامة في ذيله ، وهو عجب. وقال أبو المظفر : وكان فاضلا شاعرا نسيخا كاتبا ، وله ديوان كبير ، وكان جوادا ممدحا مدحه خلق كثير ، وأجازهم الجوائز السنية. ومن شعره في شاب رآه يقطع قضبان بان ، فأنشأ على البديهة يقول :
من لي بأهيف قال حين عتبته |
|
في قطع كل قضيب بان رائق |
يحكي شمائله الرشاق إذا انثنى |
|
ريان بين جداول وحدائق |
سرقت غصون البان لين شمائلي |
|
فقطعتها والقطع حدّ السارق |
وله دو بيت :
كم يذهب هذا العمر في الخسران |
|
ما أغفلني عنه وما أنساني |
ضيعت زماني كله في لعب |
|
يا عمر فهل بعدك عمر ثان |
انتهى كلام الأسدي. قال ابن شداد : اول من درّس بها رفيع الدين الجيلي (٢) ، ثم بعده نجم الدين بن سني الدولة ، ثم من بعده أمين الدين بن
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١٧١.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٢١٤.