حامد الشافعي ، ثم وليها قطب الدين بن أبي عصرون ، واستمر بها إلى سنة تسع وستين وستمائة ، ثم أخذها نجم الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن سني الدولة ، وهو مستمرّ بها إلى الآن انتهى. قلت : أول من درّس بها بتعيين الواقف جمال الإسلام أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي السلمي الدمشقي الفقيه الفرضي ، تفقه على القاضي أبي المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي ، ثم تفقه على الفقيه نصر المقدسي (١) وسمع عليه وأعاد الدرس له ، ولازم الغزالي (٢) مدة مقامة بدمشق ، ودرّس بحلقة الغزالي بالجامع مدة ، وهو الذي أشار على الغزالي بجلوسه في حلقة الشيخ نصر ، هو المكان المعروف في الجامع بالغزالية.
قال الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه العبر في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة : مدرس الغزالية والمعينية ، ومفتي الشام في عصره ، صنف في الفقه والتفسير ، وتصدر للإشتغال والرواية ، فحدث عن أبي نصر بن طلاب (٣) وعبد العزيز الكناني وطائفة ، وأول ما درّس بمدرسة أمين الدولة سنة أربع عشرة وخمسمائة انتهى. وسمع منه ابن عساكر والسلفي وبركات الخشوعي وطائفة. قال الحافظ ثقة الدين أبو القاسم بن عساكر في تاريخه : بلغني أن الغزالي قال : خلفت بالشام شابا إن عاش كان له شأن عظيم ، قال : فكان كما تفرس فيه الغزالي رحمهالله تعالى. وسمعنا منه الكثير ، وكان ثقة ثبتا عالما بالمذهب والفرائض. وكان حسن الخط موفقا في الفتاوى ، وكان يكثر من عيادة المرضى وشهود الجنائز وملازما للتدريس والإفادة ، حسن الأخلاق ، له مصنفات في الفقه والتفسير ، وكان يقعد في مجلس التذكير ، ويظهر السنة ، ويردّ على المخالفين ، ولم يخلف بعده مثله ، وذكر أيضا في طبقات الأشاعرة ، ومن تصانيفه كتاب أحكام الخنائي وهو مختصر مفيد في بابه ، توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة في حياة الواقف وهو ساجد في صلاة
__________________
(١) شذرات الذهب ٣ : ٣٩٥.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ١٠.
(٣) شذرات الذهب ٣ : ٣٣٦.