قبض عليه العادل انه اتهمه بمكاتبة الظاهر (١) صاحب حلب ، وأخذ منه ألف ألف دينار ، وخرب قلعة كوكب إلى الأرض عجزا عن حفظها ، وكانت بيد أسامة المذكور ، وشرط على المقيم بها العزوبية ، وأن لا يكون الفقيه في غيرها من المدارس ، وإنما أراد بذلك توفير خاطر الفقيه وجمعه على طلب العلم ، ولكن حصل بسبب ذلك خلل كثير وشرّ لبعضهم كبير ، وقد كان شيخنا الإمام العلامة شيخ الشافعية بالشام وغيرها برهان الدين ابو إسحاق ابراهيم ابن الشيخ تاج الدين الفزاري مدرّس هذه المدرسة وابن مدرّسها ، يذكر انه حضر الواقف في أول يوم درّس بها وحضر عنده السلطان الناصر قرىء كتاب الوقف وفيه : لا يدخلها امرأة ، فقال السلطان : ولا صبي ، فقال الواقف : يا مولانا ربنا ما يضرب بعصاتين ، فكان إذا ذكر هذه الحكاية تبسم عندها رحمهماالله تعالى. وكان هو اول من درّس بها ، ثم ولده كمال الدين من بعده ، وجعل نظرها إلى وجيه الدين بن سويد (٢) ، ثم صار في ذريته إلى الآن ، وقد نظر فيه بعض الأوقات القاضي شمس الدين بن الصائغ ، ثم انتزع منه حين أثبت لهم النظر ، وقد وقف البادرائي على هذه المدرسة أوقافا حسنة دارّة ، وجعل بها خزانة كتب نافعة ، وقد عاد إلى بغداد في هذه السنة ، فولي بها القضاء كرها منه ، فأقام فيها سبعة عشر يوما ثم توفي رحمهالله تعالى في مستهل ذي القعدة من هذه السنة ، ودفن بالشونيزية ، وكان سمع من عبد العزيز ابن منينا (٣) وغيره انتهى. وقد أشار إلى ان أول من درّس بها واقفها ، ثم ولده من بعده.
قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة : عبد الرحمن ابن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عثمان جمال الدين ابن الشيخ نجم الدين البادرائي البغدادي ثم الدمشقي ، درّس بمدرسة أبيه من بعده حتى حين وفاته يوم الأربعاء سادس شهر رجب ، ودفن بسفح
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٥٥.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٣٣٣.
(٣) شذرات الذهب ٥ : ٥٣.